هل تنقذ الجامعة الملكية لكرة القدم مشروع “الغابة الحضرية” بمراكش؟
أكاديمية الكوكب… حل تنموي أم التفاف على مشروع ملكي ؟
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل أروقة المجلس الجماعي لمراكش، عاد مشروع “الغابة الحضرية بالمحاميد” إلى الواجهة، بعدما ظل يراوح مكانه منذ تقديمه سنة 2014 أمام أنظار صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، في إطار برنامج “الحاضرة المتجددة” الذي تم الترويج له آنذاك كمخطط استراتيجي لتحسين جودة الحياة بالمدينة الحمراء.
ومنذ أزيد من عقد من الزمن، ظل هذا المشروع يواجه صعوبات في التمويل والتتبع والتنفيذ، حيث لم تتجاوز نسبة الإنجاز 20% من المساحة المخصصة له، مما حوله إلى رمز لتعثر المشاريع الكبرى التي تحظى بالرعاية الملكية، وتطرح أسئلة جدية حول الحكامة والمسؤولية.
لكن في الدورة الأخيرة للمجلس الجماعي، والتي غيبت فيها العمدة فاطمة الزهراء المنصوري كعادتها، برزت نقطة اتفاقية جديدة تتعلق بإحداث أكاديمية رياضية لفريق الكوكب المراكشي داخل فضاء الغابة الحضرية، وهو ما اعتبره متتبعون محاولة لتجاوز الإخفاق الجماعي في إنجاز المشروع البيئي، عبر الاستعانة بتمويل الجامعة الملكية لكرة القدم، في تحرك بدا أشبه بتدوير فشل عمره أكثر من عشر سنوات.
الاتفاقية، التي حصلت “مراكش اليوم” على تفاصيلها، تم توقيعها بين جماعة مراكش والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وجمعية الكوكب المراكشي، وتحدد بدقة التزامات كل طرف، بما في ذلك :
• تمويل الجامعة الملكية لبناء أكاديمية رياضية متكاملة على مساحة 20 هكتاراً من الشطر الثاني للمشروع،
• وضع الجماعة للشطر الأول من الغابة (14.5 هكتار) رهن إشارة الكوكب لمدة ثلاث سنوات،
• وإفراغ مدرسة التكوين “القنصلي” بباب دكالة، ونقلها مؤقتاً إلى مرافق الغابة.
ويأتي هذا المشروع الرياضي تحت غطاء تنمية رياضية ومأسسة للتكوين، بدعوى المساهمة في دعم المواهب المحلية ورفد الفرق الوطنية، لكنه في الواقع يطرح إشكاليات حقيقية لا يمكن تجاوزها:
أولاً: ماذا تبقى من المشروع البيئي الأصلي؟
هل تحول المشروع الذي رُفع كشعار بيئي وتنموي إلى مجرد حاضنة لملاعب كرة القدم ومقاهي وقاعات رياضية؟
أين هي المسارات الخضراء والمساحات الغابوية التي وعدت بها العمدة سنة 2014 أمام أنظار جلالة الملك؟
ثانياً: أين ذهبت مساهمات الشركات العقارية؟
من المعروف أن إحدى الشركات الكبرى حصلت على رخصة استثناء بشرط غرس مئات الأشجار كمساهمة مباشرة في المشروع، لكن هذه الأشجار لم تظهر في أي موقع، مما يستدعي فتح تحقيق شفاف حول مآل هذه الالتزامات البيئية.
ثالثاً: لماذا لم تُرصد ميزانية المشروع منذ البداية؟
كيف يعقل أن يُعرض مشروع استراتيجي أمام جلالة الملك دون أن تكون له تغطية مالية مضمونة؟
هل كان الهدف هو العرض فقط، دون رؤية متكاملة للإنجاز؟
رابعاً: هل نحن أمام تفويت مقنع للملك العمومي؟
رغم أن الاتفاقية تنص على أن العقار والمرافق تظل في ملكية الجماعة، فإن مدة الشراكة تمتد إلى أربعين سنة قابلة للتجديد، مع إمكان إنهائها فقط إذا لم تنفذ الأشغال في ثلاث سنوات، أو وقع خلل جسيم، مما يطرح علامات استفهام حول جدية التتبع ومراقبة التنفيذ.
خامساً: غياب العمدة… وغياب الشفافية
تُوقع مثل هذه الاتفاقيات الحاسمة في غياب العمدة فاطمة الزهراء المنصوري عن الجلسات دون تقديم عرض رسمي للمواطنين حول مآل المشروع، في مشهد يكرّس أزمة تواصل وحكامة داخل المجلس الجماعي.
في ظل هذه الوقائع، أصبح من الضروري توسيع التحقيقات الجارية مع شركة “العمران” في ملفات “الحاضرة المتجددة”، لتشمل مشروع الغابة الحضرية، نظراً لكونه جزءاً لا يتجزأ من المشروع الملكي، ولا يمكن القبول بأن يتحول إلى ورقة تفاوض سياسي أو صفقة رياضية طويلة الأمد.
فهل تكون الجامعة الملكية لكرة القدم طوق نجاة لهذا المشروع البيئي الذي أُفرغ من مضمونه ؟ أم أن ما يحدث هو إعادة إنتاج لفشل تدبيري بمنطق جديد؟
الأسئلة كثيرة، والأجوبة تنتظر تحقيقاً مسؤولاً ومحاسبة حقيقية