آخر الأخبار

جريمة الصويرة تفضح خلل المنظومة الصحية

شهد مستشفى سيدي محمد بن عبد الله بمدينة الصويرة، حادثة مأساوية أودت بحياة نزيل داخل قسم الأمراض النفسية والعقلية، بعد تعرضه لاعتداء عنيف من طرف نزيل آخر يعاني بدوره من اضطرابات عقلية. الجريمة وقعت داخل غرفة الإيواء، حين انهال المعتدي على زميله بالضرب في أنحاء متفرقة من جسده، متسببًا في إصابات بليغة توفي على إثرها قبل وصوله إلى قسم المستعجلات.

السلطات الأمنية والشرطة العلمية انتقلت إلى مكان الحادث، وفتحت تحقيقًا رسميًا تحت إشراف النيابة العامة، فيما نُقلت الجثة إلى مستودع الأموات لإخضاعها للتشريح الطبي. كما تم وضع الجاني تحت الحراسة الطبية الخاصة في انتظار نتائج الخبرة النفسية والقانونية.

هذه الواقعة الخطيرة تعري الواقع الهش للبنية الأمنية داخل أقسام الطب النفسي في المستشفيات العمومية، وتفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول شروط الإيواء، مراقبة النزلاء، ومدى كفاءة الطواقم الطبية والإدارية في تأمين فضاءات من المفترض أن تكون مخصصة للعلاج، لا مسرحًا لوقائع دموية.

المصادر داخل المستشفى تحدثت عن غياب كاميرات المراقبة، ونقص في عدد الممرضين والمساعدين، إلى جانب غياب أي بروتوكول للفصل بين الحالات الخطرة والأقل خطورة. كل هذه العوامل جعلت من هذه الجريمة نتيجة متوقعة لا مجرد صدفة مأساوية.

في ظل هذه التطورات، تتوجه الأنظار إلى وزير الصحة أمين التهراوي، باعتباره المسؤول الأول عن القطاع. الوزير مطالب بتقديم توضيحات للرأي العام، وإجراء افتحاص شامل لوضعية أقسام الطب العقلي في مختلف مستشفيات المملكة، مع تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات.

المساءلة لا تقف عند الوزير وحده، بل تشمل أيضًا المدير الجهوي للصحة بجهة مراكش-آسفي، الذي يلتزم الصمت منذ وقوع الحادث. غياب أي بلاغ رسمي أو زيارة للمستشفى من طرف المسؤول الجهوي يطرح علامات استفهام كبيرة حول جديّة التعاطي مع الموضوع، وحجم التراخي الإداري إزاء حياة المرضى داخل مؤسسات عمومية.

ما وقع في مستشفى الصويرة ليس حادثًا معزولًا، بل هو نتاج سياسة إهمال طويلة الأمد لقطاع الصحة النفسية. إذا كانت الدولة قد التزمت بمقاربة حقوقية تجاه المرضى العقليين، فإن الواقع يعكس عكس ذلك تمامًا. لا يمكن الحديث عن الحق في العلاج في غياب بيئة آمنة، وأطر مدربة، ومراقبة فعلية.

الحادث كشف أن الخطر لا يأتي فقط من المرضى، بل من نظام صحي يفتقر إلى الحد الأدنى من شروط الحماية، والمتابعة، والمحاسبة. وعلى البرلمان وفعاليات المجتمع المدني التحرك لفرض مساءلة عاجلة، لأن ما حدث قد يتكرر، في أي لحظة، في مستشفى آخر.