في الوقت الذي تُقدَّم فيه مراكش كمدينة عالمية، وجهة للسياح والمستثمرين، تنزف أحياؤها الداخلية بصمت. صور وفيديوهات تنتشر يومياً تكشف الحقيقة المرة: تلميع في الواجهة وتهميش في العمق. بين “درب سبليون” في جليز و”لالة عودة السعدية” في قلب المدينة العتيقة، و”العرصة” التي تحوّلت إلى مسرح مفتوح للفوضى، تتجسد مفارقة مدينة تُدهَن من الخارج وتُهمَل من الداخل.
الطرقات متآكلة، الأرصفة مكسرة، الأزبال في كل زاوية، والمباني التاريخية تئن تحت الغبار والإهمال. في المقابل، تُصرف الملايين على واجهات ومهرجانات وشعارات لا تطفئ عطش المواطن ولا تداوي نزيف المدينة.
مراكش اليوم لا تحتاج ماكياجاً عمرانياً، بل جراحة عميقة. فالتجميل الخارجي لا يخفي رائحة التهميش التي تزكم الأنوف في الأحياء القديمة والهامشية. الساكنة لم تعد تصدّق الكلمات المنمقة، بل تريد فعلاً ملموساً: نظافة، صيانة، وإنصات حقيقي لمعاناتها.
إلى أين يا مدينتي؟ سؤال يردّده كل من عاش مراكش الحقيقية — لا مراكش الإعلانات والسياحة — مدينة تختنق بين الوعود والواقع، بين الصور الجميلة والكواليس البائسة. مراكش لا تحتاج تلميعاً… تحتاج من يعترف أنها تنزف.