آخر الأخبار

مراكش تتقدّم إلى الوراء.. ماذا حدث لكِ يا مدينتي؟

كانت مراكش عنواناً للبهجة، قبلة للسياح، ومسرحاً للعلم والثقافة والفن. مدينة حملت المجد من بوابة التاريخ، وصدّرته إلى العالم في هيئة أسوار حمراء، وأزقة نابضة بالحياة. لكن شيئاً ما انكسر…
المدينة اليوم تتراجع، تنكمش، تختنق.

الشوارع تحولت إلى مطبات وأوحال.
الأحياء الشعبية تعيش التهميش، أحياء الوسط صارت مكتظة ومختنقة، والمجال القروي لا يُذكر إلا في مواسم الانتخابات.
حتى وسط المدينة، حيث كان الزائر يحس بأنه في قلب مراكش الحضارية، صار اليوم مسرحاً للفوضى: كراسي المقاهي تحتل الأرصفة، الشيشة تغزو كل حي، المتسولون في كل ركن، والبنية التحتية تنهار بهدوء.

قارِن مراكش بالرباط… ستفهم الفرق.

  • الرباط مدينة حديثة التخطيط، تُفتح فيها طرقات جديدة كل سنة، تُرمم شوارعها، تُنظم مساحاتها، وتُخضع المشاريع للمحاسبة والمراقبة.

  • في الرباط، تُستثمر الملايير في البنية التحتية، وفي الثقافة، وفي الجودة الحضرية. مشاريع كـ”الرباط مدينة الأنوار” بدلت وجه المدينة.

  • حتى فقراء الرباط، يعيشون في الحد الأدنى من الكرامة: النقل العمومي متوفر، الفضاءات الخضراء موجودة، والمرافق الصحية والتعليمية في توسع دائم.

أما في مراكش؟

  • المحطات الطرقية مؤجلة.

  • الأحياء الحديثة تُبنى بلا تجهيزات.

  • الحدائق تُترك مهجورة.

  • والأسواق تعاني فوضى لا تشرف مدينة يُقال إنها سياحية.

قارِن مراكش بأكادير… واطلب الغفران لها.

  • أكادير أعادت بناء هويتها، راهنت على البحر والنظافة والهدوء، ونجحت.

  • المدينة منظمة، حركية اقتصادية تتوسع، كورنيش يستقبل الناس بكرامة، إنارة عمومية تشتغل، والمدينة تسير بخطى ثابتة نحو تحديث شامل.

  • الأكاديريون لا يرضون بالفوضى، ويحاسبون المسؤولين، ولهذا يشتغل الجميع: المجلس، السلطة، حتى المجتمع المدني.

وفي مراكش؟

  • من يُحاسب؟

  • من يشتغل فعلاً؟

  • من يدافع عن المدينة أمام الرداءة التي أصبحت القاعدة؟

  • أين الجامعة؟ أين المجتمع المدني الحقيقي؟ أين الغضب المشروع على هذا الانحدار؟

مراكش لا تعاني من نقص في التاريخ، بل من فائض في التهميش وسوء التدبير.
مدينة العلماء، والبهجة، والفن، تتحول إلى مدينة تُطرد منها الكرامة، وتُباع فيها الأحياء لأصحاب النفوذ، وتُترك فيها الساكنة لمصير بائس.

السؤال الجوهري يبقى:


من المسؤول؟
ولماذا لا أحد يملك الشجاعة لقول الحقيقة ومحاسبة من جعل مراكش تتقدم إلى الوراء؟