خمسة أعوام مرت على بناء ما يُسمّى “المركز الصحي حربيل تامنصورت”، لكن لا أحد دخله للعلاج، لا طبيب، لا ممرض، ولا حتى مواطن بسيط. وحدهم الغبار والعناكب يداومون هناك يومياً، وكأن المرفق بُني خصيصاً للجن والشياطين، لا للبشر.
المكان مهجور، مهدوم جزئياً، نوافذه مكسّرة، وأبوابه مشرّعة في وجه كل من أراد نهب ما تبقى. المشروع، الذي كلف ميزانية عمومية معتبرة، صار اليوم رمزاً للفوضى وسوء التدبير، أو كما يصفه السكان بسخرية: “مركز صحي من العالم الآخر”.
في بلد يُقال إنه يسعى لتقريب الخدمات الصحية من المواطن، نجد بناية جاهزة، بمفاتيح ضائعة، ووثائق تائهة، ومسؤولين “لا علم لهم”. الغريب أن الجميع يمر أمامه دون أن يتحرك ضمير واحد. كأننا أمام فيلم رعب طويل، نهايته غير معلومة.
الساكنة لم تعد تطلب المعجزات، بل فقط أن يُفتح هذا المركز للبشر قبل أن يسجَّل رسمياً ضمن التراث اللامادي للكائنات الغيبية. أما الصمت الرسمي، فهو تأكيد آخر على أن “المواطنة الصحية” في حربيل تامنصورت، مجرد أسطورة تُروى قبل النوم.