آخر الأخبار

هل تحولت “أنابيك” من وكالة عمومية إلى مقاولة خاصة للمنتفعين؟

تم احداث الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل ( ANAPEC ) بموجب الظهير الشريف رقم 1.00.220 الصادر في 5 يونيو 2000، والمتعلق بتنفيذ القانون رقم 51.99؛ وهي مؤسسة عمومية مغربية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي .
بدأت الوكالة نشاطها الفعلي ابتداءً من سنة 2001، خلفًا لمكاتب التشغيل التقليدية التابعة لوزارة الشغل، وتُعنى بتنفيذ السياسة الحكومية في مجال تشغيل الكفاءات وإدماج الباحثين عن العمل، خاصة حاملي الشهادات، تقوم الوكالة بدور الوسيط بين الباحثين عن العمل والمشغلين، كما تقدم برامج دعم، تكوين، وتحفيز لتسهيل الولوج إلى سوق الشغل على المستويين الوطني والدولي.

الا أن واقع هذه المؤسسة – يقول احد الشبان – يكشف عن صورة قاتمة !! و اوضح المتحدث ذاته، ان الأرقام الضعيفة، و البرامج الشكلية، فضلا عن تداخل بين المصالح الشخصية لبعض الأطر الجهوية ومشاريع الدولة الموجهة أصلاً للفئات الهشة؛ يزيد من فنانة الوضع .
الامر الذي يطرح الاسئلة التالية : ما هي المعايير المعتمدة لاختيار مراكز التكوين والمقاولات الشريكة في تنفيذ البرامج ؟

هل تخضع عقود الشراكة والتكوين التي تبرمها أنابيك الجهوية لمسطرة طلب العروض؟ وهل تنشر نتائجها ؟

كيف يتم تدبير الميزانيات المخصصة لبرامج الإدماج والتكوين؟ وهل توجد تقارير افتحاص مالية منشورة ؟
هل سبق أن تم فتح أي تحقيق داخلي أو إداري في ملفات تدبير الشراكات أو الصفقات داخل الإدارة الجهوية؟

( ما هو ردكم على الانتقادات المتعلقة بتكرار استفادة نفس المؤسسات الخاصة من عقود شراكة؟ )
أرقام تنذر بالفشل

وفق تقرير للمندوبية السامية للتخطيط برسم سنة 2023 : بلغ معدل البطالة في جهة مراكش- آسفي 13.1%، مقارنة بـ 12.3% على المستوى الوطني.
في صفوف الشباب (18-34 سنة)، تجاوزت البطالة عتبة 30.5%.
أزيد من 50% من العاطلين في الجهة حاصلون على شهادات عليا أو متوسطة.

رغم هذه المؤشرات، لم تتجاوز نسبة الإدماج الحقيقي للباحثين عن الشغل عبر أنابيك الجهوية بمراكش 15% حسب أرقام غير رسمية، فيما يتم تسجيل مئات “الوظائف المؤقتة” دون ضمانات أو أثر اجتماعي فعلي.
مشاريع الدولة تُستغل لأغراض خاصة

افادت مصادر متطابقة من داخل القطاع أن تنامي ظاهرة تداخل المصالح بين بعض المسؤولين الجهويين داخل أنابيك وبين مقاولات خاصة يملكونها مباشرة أو عبر أفراد من عائلاتهم، تستفيد بشكل منتظم من:
عقود تكوين وتأهيل ممولة من المال العام.
صفقات تتعلق بـ”مواكبة” حاملي المشاريع الشباب.
تسهيلات ضمن برامج دعم التشغيل مثل “تحفيز” و”مقاولتي”.
بل إن بعض مراكز التكوين الشريكة، التي يتم تحويل الشباب إليها بدعوى التأهيل، تعود ملكيتها في الخفاء لأقارب مسؤولين جهويين أو شركاء مقربين، مما يضرب مبدأ تكافؤ الفرص في الصميم.

شباب بدون إدماج، ومشاريع بدون تقييم

رغم الملايين التي تُصرف سنوياً في برامج “إدماج”، “تأهيل”، و”تحفيز”، تظل نسبة إدماج الشباب المسجلين في أنابيك متدنية للغاية، وغالبًا ما يتم إقحامهم في دورات تكوينية لا تلائم حاجيات السوق، أو يُتركون بعد التكوين دون تتبع أو توجيه فعلي.
في سنة 2023 وحدها، تجاوزت الميزانية المخصصة لبرامج الإدماج والتأهيل عبر أنابيك 340 مليون درهم، لكن تقارير المجلس الأعلى للحسابات تشير إلى غياب معايير واضحة لقياس الأثر الحقيقي لهذه الاستثمارات.
غياب المراقبة و”حصانة” المسؤولين
رغم كثرة المؤشرات المقلقة، يلاحظ غياب شبه تام لأي مراقبة فعالة على عمل الإدارة الجهوية، سواء من طرف وزارة التشغيل أو المفتشية العامة للمالية. بل إن بعض الملفات، حين يُفتح فيها تحقيق داخلي، تُطوى سريعاً تحت غطاء “التوافق”، في ظل علاقات سياسية أو نقابية متشابكة داخل الجهة.

( آراء شباب مراكش: بين الإحباط والجهل بوجود الوكالة )

عبّر العديد من الشباب عن تذمرهم من دور وكالة أنابيك، معتبرين أن خدماتها محدودة أو غير فعالة.
يوسف (27 سنة، تقني متخصص) تحدّث بمرارة: “تسجلت ودوزت مرة وحدة، ومن بعد ما كيسولوش فيا.”
أما فاطمة، خريجة كلية الآداب، فقالت: “سمعت بها، ولكن عمري مشيت ليها، كنظنها غير للناس اللي عندهم معارف.”
سفيان، عاطل منذ سنتين، عبّر عن فقدانه للثقة: “تنشوف غير الإعلانات، ولكن عمرهم تاصلو بيا.”
من جهة أخرى، قال عبد الرحيم إنه استفاد من تكوين في الإعلاميات، لكنه اعتبره غير كافٍ للحصول على عمل دائم.
الأمر اللافت أن بعض الشباب، مثل سميرة، لا يعلمون حتى بوجود الوكالة: “بصراحة، ما عرفتهمش، وما سمعتش عليهم بزاف.”

هذه الشهادات تبرز وجود فجوة بين الوكالة وشريحة واسعة من الشباب، بين من يشتكون من غياب المتابعة، ومن لا يعرف أصلاً ما تقدمه أنابيك من خدمات.
وخاص المتدخلون الى ضرورة إجراء افتحاص شامل للبرامج والشراكات، النشر العلني للتقارير السنوية وتقييم المشاريع.
ضبط المساطر وربط المسؤولية بالمحاسبة داخل الإدارة الجهوية.