آخر الأخبار

أول مناظرة وطنية للذكاء الاصطناعي

انطلقت صباح الثلاثاء 1 يوليوز 2025 بمدينة سلا، فعاليات أول مناظرة وطنية حول الذكاء الاصطناعي بالمغرب، بمشاركة أكثر من 2000 شخصية من وزراء، مسؤولين حكوميين، وخبراء مغاربة ودوليين. الحدث، المنظم من طرف وزارة الانتقال الرقمي، يُعقد على مدى يومين تحت شعار: “استراتيجية فعالة وأخلاقية للذكاء الاصطناعي في خدمة مجتمعنا”.

المناظرة تُعد محطة مركزية لإطلاق نقاش وطني موسّع حول كيفية تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة القطاعات الحيوية، من الصحة والتعليم إلى الفلاحة والخدمات العمومية، مع التركيز على قضايا الحوكمة، الثقة، الأخلاقيات، وحماية الحقوق الأساسية.

في هذا السياق، أعلنت الوزارة عن مشروع هيكلي جديد يتمثل في إحداث “مؤسسة الجزري”، التي ستُعنى بدعم البحث التطبيقي والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال شراكات استراتيجية مع الجهات والمؤسسات الوطنية.

أول هذه الشراكات تم توقيعها مع جهة كلميم واد نون، بهدف تطوير حلول ذكية في مجالي الفلاحة والري، بما يعزز التحول الرقمي بالمجال القروي ويدعم الفلاحين بآليات متطورة في تدبير الموارد.

تحمل المؤسسة اسم أبو العز بن إسماعيل الجزري، أحد أبرز المهندسين المسلمين في العصور الوسطى، الذي شكلت اختراعاته أساسًا لتقنيات ميكانيكية سبقت عصرها، وتُعد اليوم مرجعًا علميًا في مجالات الروبوتيك والهندسة الميكانيكية.

هذه الخطوة تأتي في ظل سباق عالمي متسارع في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث ضخت الولايات المتحدة ما يقارب 500 مليار دولار كاستثمارات مباشرة، فيما أعلنت الصين عن تخصيص 132 مليار دولار لدعم هذا القطاع الاستراتيجي، ضمن خططها للهيمنة التقنية والاقتصادية.

في المقابل، تراهن دول نامية مثل المغرب على بناء استراتيجيات محكمة تقوم على البحث العلمي، التكوين، ودعم النسيج الابتكاري المحلي، بهدف تحقيق تموقع تنافسي في المشهد الرقمي العالمي، وخلق قيمة مضافة حقيقية للمجتمع والاقتصاد.

المناظرة شهدت كذلك جلسات نقاش عالية المستوى حول سبل تأطير استخدام الذكاء الاصطناعي وفق معايير أخلاقية وقانونية، تضمن حماية المعطيات الشخصية وشفافية الخوارزميات، وتفادي التمييز أو التوظيف المسيء للتقنيات الحديثة.

من المرتقب أن تُتوَّج هذه المناظرة بإعلان أولي لـ”خارطة طريق وطنية للذكاء الاصطناعي”، تحدد الأولويات، آليات التمويل، وشراكات البحث، مع التركيز على الإدماج الرقمي، وتقليص الفجوة التكنولوجية بين الجهات.

يُنتظر أن يكون لهذه المبادرة أثرٌ مباشر في تسريع التحول الرقمي للمرافق العمومية، تعزيز التنافسية الصناعية، وتمكين المغرب من ولوج سوق الذكاء الاصطناعي العالمي كفاعلٍ منتج لا مستهلك فقط.