آخر الأخبار

الشخصيات التراثية في الملحون : غيلان

سعيد عفلفل

ورد ذكر غيلان في العديد من القصائد و خاصة في قصائد العشاقي. وجاء ذكره في سياق الحديث عن قوة العشق لدى شاعر الملحون ؛وأن حبه و عشقه يتعدى و يفوق حب الشعراء العذريين.
هو غيلان بن عقبة التميمي شاعر من شعراء العصر الأموي، من فحول الطبقة الثانية في عصره. ولد سنة 77ه / 696 م و توفي سنة 117ه / 735 م. يكنى بذي الرُمَّة. وسنسوق ما أخبر به أبو الفرج الأصبهاني بهذا الخصوص.
قال عمرو بن العلاء : “فتح الشعر بامرئ القيس و ختم بذي الرمة.” وقال الشاعر جرير :” لو خرس ذو الرمة بعد قصيدته :” ما بال عينيك منها الماء ينسكب” لكان أشعر الناس.
كان غيلان شديد القصر، دميما، يميل لونه إلى السواد. أكثر شعره كان في التشبيب و البكاء على الأطلال. روى أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني أن غيلان بن عقبة مر بخباء مية بنت طلبة وهي جالسة إلى جنب أمها، فاستسقاها ماء. فقالت لها : قومي يا خرقاء فاسقيه ( والخرقاء هي التي لا تعمل بيدها شيئا لكرامتها على أهلها)، فقامت فأتته بالماء و كانت على كتفه رمة وهي قطعة من حبل، فقالت : ” اشرب يا ذا الرمة.” فقلب بذلك. وكانت مية أو مي صبية حسناء. من هذا اللقاء بدأت شرارة حب غيلان لمية، إذ وقعت في قلبه و ظل هائما بها، يذكرها في أشعاره حتى بعد أن زوجها أهلها من رجل آخر. وقد ذاع له بيتان عدهما النقاد من أرق ما قيل في الوقوف على الأطلال وهما :
” وقفتُ علب رَبْع لمية ناقتي *** فما زلت أبكي عنده و أخاطبه
وأسقيه حتى كاد مما أبثه *** تكلمني أحجاره و ملاعبه.”

بالعودة إلى شعر الملحون ،نسوق هنا أمثلة، وهي كثيرة، من قصائد ذكر فيها غيلان.
يقول السي التهامي المدغري في قصيدة الغزييل :
” وهواه ما تحول * شلا نحمل * صال و خصل *مثل عنترة يوم ميداني * و الفارس العراقي ولا غيلان * والفاني والفاني* بحب ليلى قيس المجنون مغروم العذرية.”
وفي قصيدة الجار يقول الحاج إدريس بن علي :
” كيف المشهور * قيس و غيلان و قوم كثرة
هاموا ف بحور * هاد الحب وغرقوا ف مرة
من غير شعور * باحوا و فشاوا السر بجهرة. ”
انظروا كيف صور شاعر الملحون حالة العاشق الولهان و كيف أن من يدخل بحر الحب و الهوى لن يخرج منه سالما.
وفي ملحوننا المعاصر لم يغفل الشاعر الحديث عن رموز الحب العذري. ففي قصيدة وعد المغروم يقول الشاعر احمد بدناوي :
” في حكايات زمان خبار كاينة *** قيس المجنون و بن حزام و غيلان.”