آخر الأخبار

بين اخنوش و بيل جيتس

محمد نجيب كومينة 

فيديو قديم بالتاكيد، لكن مضمونه مهم. بيل جيتس وبوفيت من اغنى الاغنياء في العالم، ثروة كل واحد منهما تقارب الناتج الداخلي الاجمالي للمغرب كله، يسيطران في قطاعات اقتصادية استراتيجية ولهما حضور وازن في بورصة نيويورك، و الرجلان معا، الى جانب مليارديرات امريكيين اخرين، يقومان بعمل خيري كبير في الولايات المتحدة والعالم، وتعتبر مؤسسة بيل غيتس وزوجته مليندا اكبر مؤسسة خيرية في العالم ندر لها بيل غيتس 95% من ثروثه. وكان الرجلان قد بعثا، صحبة اخرين، برسالة الى اوباما بعد انتخابه رئيسا يطالبونه فيها بمراجعة الامتيازات الضريبية التي منحها الرئيس جورج بوش جونيور لراس المال والراسماليين لانها غير معقولة و خففت العبء الضريبي على من يفترض ان يتجملوه بشكل اساسي. هؤلاء يمثلون نوعا ما الراسمالية كما ارادها ادم سميث، الذي كان في الاصل متخصصا في الاخلاق وكتب كتابا عن الغيرية والايثار قبل ان يكتب عن اصل ثروة الامم، الذي رد فيه على الفيزيوقراطيين الذين كانوا يربطون انتاج الثروة بالارض، وكان في كتابه هذا شديد الانتقاد لمناورات السياسيين في البرلمان الهادفة الى خدمة تركيز الثروة والاحتكار، واليد الخفية التي تحرك السوق التي اشتهر بها لم ترد الا عرضا في كتابه واستعملت غالبا كما تستعمل ويل للمصلين.
اغنياؤنا لايقارنون بهؤلاء، لانهم يميلون كلما زادت ثروثهم الى العجرفة والاستهلاك المسف، لانهم لا يعتبرون انفسهم مواطنين كسائر المواطنين ولان نوعا من الجوع النفسي والاضطراب الدهني يدفعهم الى استظهار الثراء وكانهم يثبثون لانفسهم قبل غيرهم انهم اثرياء، و غالبا ما يتجهون الى الانعزال في غيتوات الغنى، وقلما تجد واحدا منهم يقوم بعمل خيري لا يهدف من ورائه الى الاستفادة من الخصم الضريبي الذي تستفيد منه الهبات، وغالبا ماتجدهم يقدمون حسابات سنوية تتضمن خسارات في اطار الغش الضريبي المباح لهم، والذي تساهم الرشوة في اباحته وفي بقاء الوعاء الضريبي بالبلاد على ماهو عليه، بينما يلاحظ ان نمط استهلاكهم الباذخ لا يتغير، بل يزيد، وغالبا ما تستجيب الحكومات و الفرق البرلمانية لطلباتهم بتخفيض الضريبة على دخل راس المال، وسنة بعد اخرى، مقابل ابقائها مرتفعة على الدخول الدنيا والوسطى مقابل تخفيضها بالنسبة للعليا، و نقل العبء الضريبي الى الضريبة على القيمة المضافة، اي الى استهلاك اغلبية المواطنين من الفئات الفقيرة وذات الدخل المحدود والمتوسط، وهذا ما يسجل في اول قانون مالية تتبناه حكومة الملايري اخنوش والاغلبية الساحقة التي تتوفر عليها بوضوح، وبالخصوص ما يتعلق بالضريبة على الشركات، وقال ليك الدولة الاجتماعية، لواه النبق. ومن المؤسف ان الفئات الوسطى، وخصوصا الفئة العليا ضمنها، باتت تتشبه في كل شئ باثرياء البلد، ولعل هذا ما يفسر تاكل الصف الديمقراطي، وبالاخص مكونه اليساري، بدرجة ما و ضعف النضال الديمقراطي المتزايد و سهولة تبدال الفيستة و تحول احزاب كان لها رصيد من الاحترام الى حوانيت لبيع خدمات فاسدة وبشكل افقدها الهوية و جعل بعضها تباع لقادمين من احزاب كانت تناقضها و تكيل لها اتهامات غليظة.
خطر لي ان اعلق على هذا الفيديو بهذه الطريقة التلقائية التي لاتبتغي المقارنة بين المتقدمين والمتخلفين و لا ان “تدير القبة” لبيل غيتس وبوفيت او للراسمالية الامريكية .