آخر الأخبار

الشخصيات التراثية في الملحون : فاضل و عطوش

سعيد عفلفل 

حكاية فاضل و عطوش ،من الحكايات المغربية الأمازيغية المتواترة شفاهيا من جيل لآخر. و ككل الحكايات الشعبية يتقاطع الواقعي مع ماهو متخيل. لا يخفى على أحد ما تكتسيه الحكاية الشعبية من أهمية في تاريخ الشعوب، فهي الراصد الأمين لحالة الأمة وتقلباتها و المعبر عن آمالها و آلامها. وقد شكلت تاريخا غير رسمي للشعوب موازيا للتاريخ الرسمي. وقد تعرضت الحكاية الشعبية للأسف الشديد للإهمال مما نتج عنه ضياع الكثير من هذه النفائس و الدرر. إذ مع موت الرواة و الشيوخ الفداويين تندثر خزانات من هذا الموروث الزاخر. وقد انتبه عديد من الباحثين و المهتمين، مغاربة و أجانب ، لهذه المعضلة و قاموا بجمع عدد لا يستهان به من هذه الحكايات محتفظين بذلك على هذا الكنز الثمين. و من بين هؤلاء نجد المستشرق الفرنسي إميل لاوست Émile Laoust. (1876-1952) الذي كان يدرس اللغة العربية و اللهجات الأمازيغية في الرباط. كان لاوست يهتم بالمروي الشعبي، وجمع عدد كبير من الحكايات الأمازيغية و نشرها في كتاب تحت عنوان ” حكايات بربرية من المغرب”، صدر هَذا الكتاب عام 1948. قام الأستاذ إدريس الملياني بترحمتها إلى اللغة العربية و صدرت في كتاب أسماه ” غزلان الليل : حكايات أمازيغية”.
بالعودة إلى حكاية فاضل و عطوش ، هي حكاية حب و عشق جمعت بين الفتى الشجاع فاضل و عطوش الغادة ذات الجمال الفائق. كان لفاضل حصان رمادي دأب على العناية به و تدريبه. سافر فاضل و غاب مدة من الزمن و حين عاد سأل عن عطوش فأخبروه بأن الملك تزوجها. اسودت الدنيا في عين فاضل و قرر الذهاب لرؤية حبيبته في قصر الملك. لما اقترب فاضل من القصر لمحته عطوش من شرفة غرفتها فأرسلت خادمتها مسعودة وكلفتها بتدبير حيلة لإدخال فاضل. مختفيا في زي امرأة و بمساعدة الخادمة دخل فاضل القصر و اختلى بعطرش. حين مغادرته القصر سقطت منه حلية سيفه. دخل الملك القصر فوجد الحلية. وبعد بحث و تقصي عرف أنها تعود لفاضل و اكتشف علاقته بعطوش. أمر الملك بقتل فاضل و هو الأمر الذي لم تتحمله عطوش فألقت بنفسها من الشرفة و سقطت جثة هامدة جنب جثة فاضل. تم دفن العاشقين. من كل قبر نبتت شجرة. كبرت الشجرتان و التفت اغصانهما. أمر الملك باجتثات الشجرتين أكثر من سبع مرات. في آخر المطاف نجح ساحر في قطع الشجرتين نهائيا بعد أن حصل على جائزة دسمة من الملك. ظن الملك أن أمر الشجرتين قد حسم للأبد، لكن عوض الشجرتين تفجر نبع من كل قبر و انهمرت المياه و سقت الحقول و الأحراج.
هذه باختصار قصة العاشقين فاضل و عطوش. و ذكرها شعراء الملحون في قصائدهم تخليدا لقيم الحب و العشق العذري.
يقول علي البغدادي في قصيدة القاضي :
” فاضل ف زمانُه كان عشاق *** بين الصدود و لشواق *** حتى غاب ف سبيل الحب على وصول عطوش غزالُه.”
ويقول السي التهامي المدغري في قصيدة الباگي :
” ما يصبر ليها عنترة و الغضبان و فاضل الشجيع ف حومة لعقار *** طفيل الشنعات و السقر *** ما يقوى شي على النجال الصردية. ”
و في قصيدة الزطمة يقول الشيخ الجيلالي امتيرد :
” قالت لي لالة عدَّات الدلفة و جازية و العبسية و الغزال شامة، عطوش الفايقة و ليلى، و كذاك الشمس و القمر، مولاتي من شافها تسلبُه ف نسا و رجال. “