آخر الأخبار

عزة النفس

إدريس بوطور 

( كسكاس خبيزة ولا كمح الرهوط) “ولا” بتشديد اللام ، ” كمح ” ثلاث نقط على الكاف ******************************* مثل من التراث الشعبي القروي بمنطقة عبدة وأحمر اقليم أسفي ، وقبل الحديث عن مغزاه لا بد من توضيح أولي لكلماته ، ف”الكسكاس” هو الآنية الخزفية أو المعدنية الكثيرة الثقوب والتي توضع أعلى القدر كي ينضج بها السميد تحت تأثير البخار ، أما “الخبيزة ” فهي نبات ربيعي يكثر في “الجنانات” وعلى جنبات الحقول وحدودها ، وهو في الأصل نبات علفي للبقر، لكن الإنسان وجد فيه بعد طهيه عناصر مغذية متوفرة على سعرات حرارية مرتفعة خاصة في الفصل البارد ، أما ” الرهوط ” فالكلمة عربية فصيحة ترجع إلى الفعل ” رهط ” ويعني أكل بشراهة ونهم ، وإذا اجتمع مجموعة من البشر بهذه الصفة فهم ” رهوط” لا يستطيع أحد أن يجلس إلى مائدتهم فهم بشرههم ونهمهم لا يتركون ما يلتقطه الطير بعد قيامهم عن الأكل ، كما تطلق كلمة “الرهوط ” على البخلاء المقترين المانعين للمعروف والصدقات لا يساعدون المحتاج واذا ساعدوه فإنهم يأخذون مقابلا لذلك بطرقهم الدنيئة والملتوية ** بعد هذا التحليل المعجمي يتجلى لنا المغزى المنشود من هذا المثل الشعبي القروي وهو رغم ابتلاء بعض الناس بالفاقة والعوز والإملاق لم يفرطوا في كرامتهم وأنفتهم وماء وجوههم ولم يستطيعوا مد أيديهم إلى ” الرهوط ” الذين يتبعون صدقاتهم بالمن والأذى ،فتراهم يفضلون الجوع والسغب والتقاط ما تجود به الأرض من نباتات مشاعة على أن يلتمسوا الدقيق أو الخبز من ” الرهوط ” كانزي الأموال الذين يراؤون ويمنعون الماعون وكل مساعدة لديهم بمقابل ولو على حساب شرف وكرامة المحتاج ** خلاصة هذه التدوينة هي أن عزة النفس وإباءها أغلى ما نملك وأسمى درجات العيش وهي التي صورها الشاعر عنترة بن شداد تصويرا بديعا أجعله خير ختام لما سلف (لا تسقني ماء الحياة بذلة ** بل فاسقني بالعز كأس الحنظل ** ولقد أبيت على الطوى واظله ** حتى أنال به كريم المأكل ) ***** “الطوى هو الجوع الشديد.