آخر الأخبار

جماعة مخالفة و جماعات مجذفة – 5 –

عبد الله العلوي 

وقد ظهر أيضا في الاتجاه الشيعي فكرٌ جديدٌ وضع أسسه الإمام زيد بن علي زين العابدين، عرف فيما بعد بالزيدية. كان الإمام زيد الأخ الأصغر للإمام محمد الباقر خامس الأئمة الإثنا عشرية. وكان مثل أخيه الأكبر شغوفا بالعلم، يحضر مجالس العلماء مهما اختلفت مشاربهم. وتتركز نظرية الإمام زيد على جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل وبيان ذلك أنه رغم أن علي بن أبي طالب –ض- هو الأفضل، فإن تفويض أمر الخلافة لأبي بكر وبعده لعمر –ض-…. مصلحة رآها الصحابة، خاصة أن الشيخين أبا بكر وعمر لم يتعمدا ظلم آل البيت، و إنما اجتهدا. ومعيار الخلافة هو العدل، فالشيخان أسسا خلافتهما على العدل  والشورى بعكس بني أمية الذين ظلموا، ولا قياس مع وجود الفارق، واختيار الصحابة في السقيفة لا يقاس على غصب بني أمية للسلطة وظلمهم للناس، واستيلائهم على الثروات وعدم توزيعها على المستضعفين، وتعيين معاوية لابنه. لذلك آمن زيد بكون خلافة أبي بكر شرعية، وأن الإمام لا يشترط بالضرورة أن يكون من آل البيت، مادام محققا لشروط الشورى والعدل، وموافقة المؤمنين. أما  الإمامية الإثنا عشرية، فيعتقدون جزما أن الخلافة تحددت بأمر إلهي في الأئمة دون غيرهم، وتبعهم نظريا الإسماعيليون.

 

 

من هذا نستخلص أن الاتجاهين: السني و الشيعي الإثنا عشري، أسسهما آل البيت، وأضاف إليها فقهاء آخرون ومفكرون إضافات عديدة، حتى صارا اتجاهين متناقضين. في حين أنهما ينطلقان من منطلق ديني واحد، ولا يختلفان إلا في أمور سياسية، وفي بعض التفسيرات التي أساسها الخلاف حول الأحق بالسلطة. وكان للإمام زيد بن زين العابدين رأي جوهري في الموضوع، يعرف بالمذهب الزيدي، عرف طريقه إلى اليمن وبلدان أخرى، ويؤكد -كما سبق- على قاعدة المفضول والأفضل، وهو رأي كما يلاحظ أقرب إلى السنة، وأبعد من الإمامة الإثنا عشرية والاسماعيلية، يرفض مبدأ التوارث على حساب الشورى، وكون الأئمة معينين إلهيا كما تذهب الإمامية و الإسماعيلية. وقد توفي الإمام زيد شهيدا في معركة مع جيش بني أمية في عهد هشام بن عبد الملك الأموي سنة 740 م.