آخر الأخبار

احد عشرة يوما هزت العالم.. نقد لبؤس النقد – 5 –

محمد الحبيب طالب 

والأهم من ذلك، الأسئلة السياسية التالية، لأنها محك صوابية أي موقف:  هل نطالب بفك الجامعة العربية على علاتها، كما طالبنا سابقا بفك منظمة التضامن الإسلامي؟! وهل نطالب هذه الشعوب و بأغلبيتها الكبرى أن تكف عن نضالها القومي الوحدوي التحرري و التقدمي، فقط إرضاء لمن مازال في قلوبهم “غدة إثنية” تشوش عليهم الرؤية الحضارية الحقة؟! و مع معرفة جيدة، أن هذا النضال القومي التحرري هو المستهدف تحديدا من المشاريع الأمبريالية- الإسرائيلية عبر تاريخهما المشترك!

  • ونأتي أخيرا الى المقدمة الثالثة، والتي يتفقون عليها جميعا، كيفما اختلفت مواقعهم وزوايا نظرهم. ولسان حالهم يقول: لا فائدة اطلاقا من الكفاح المسلح ومن أدواته التي تبعت على السخرية أمام التفوق التكنولوجي الهائل لإسرائيل، وحصيلته الدائمة في كل مواجهة الدمار الشامل والتضحيات البشرية اللا معقولة. ويدل كل ذلك على أن الميلشيات المسلحة (كما يفضلون تسميتها على المقاومة) لا تُعطي قيمة “للإنسان” الذي هو جذر المسألة في كل زمان ومكان. ولا سبيل للخلاص عندهم ، إلا عبر كسب الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي (مختزلا في حقيقته في كسب ود أمريكا وإقناعها بالحقوق المشروعة) ، خاصة، وأن القوانين الدولية معنا. فأي فائدة إذن من إهدار هذه المكاسب بتضحيات مجنونة وغير إنسانية؟.

ويذهب آخرون الى ما هو أبعد، المعركة مع اسرائيل هي معركة تحديث ودمقرطة للمجتمعات العربية أولا وأخيرا. وعندما تتحدث المجتمعات العربية، كعدوتها إسرائيل، ستسقط هذه الأخيرة كما تتساقط أوراق الأشجار في دورتها الخريفية. لكننا لا نعرف شيئا عن معاني هذه الحداثة في المجتمع الفلسطيني المعرض يوميا للاقتلاع من جذوره. وأما عند رهط آخر من هذه الهرطقات ، فالقضية برمتها تُختزل في أن تطورات العصر، قد طوت بلا رجعة مقولة حركات التحرر الوطني. وما دامت القضية الفلسطينية هي الوحيدة الباقية من زمن انتهت جاذبيته، فما عليها إلا أن تنشد إلى المفاهيم المعاصرة التي من خصائصها، أنها تفكك الهويات و القوميات (؟!) ، وترفع عاليا من الولاء  المطلق لحقوق الانسان- الفرد بجميع معانيها. ولكي تستعيد القضية دورها المركزي في نهوض عربي جديد، عليها ان تنخرط بجانب معارك “الشعب يريد” ضد الاستبداد. وهي معارك مازال نفسها حيا رغم كل النكسات الظاهرة. وبعبارة أخرى لا معركة فوق معركة النضال العربي الجمعي ضد الاستبداد.