آخر الأخبار

الإساءة والإحسان في حق من حكم مراكش-23-

معركة الزلاقية
في ظل هذه الأوضاع أرسل بن عباد رسالة استغاثة إلى أمير المسلمين يوسف بن تاشفين يطلب منة النجدة من الخطر المحدق بأرض الأندلس الإسلامية من طرف الفونسو السادس ملك قشتالة الذي عزم على غزو الأندلس وإخراج المسلمين منها وكان يوسف يومها مرابطا بمدينة فاس ، فوجه بدوره الرسالة إلى مجلس العلماء بمراكش طالبا إصدار فتوى في الموضوع ، وما هي إلا أيام حتى جاء رد المجلس بالتحرك إلى الأندلس لإنقاذ أهلها المسلمين من تهديدات الكفار ، شرع يوسف في الاستعداد إلى الحرب فجمع الجموع ، وأعد العدة وكل ما يلزم لمواجهة الأعداء ، وصار نحو مدينة سبتة وكان قد سبق أن فتحها ابنه العز وقتل أميرها یحیی بن سکوت البرغواطي ، فنزل بها هو وجيشه العظيم ومنها عبر إلى الجزيرة الخضراء ، وصلى بها الظهر وكان ذلك يوم الخميس منتصف ربيع الأول سنة تسع وسبعين وأربعمائة للهجرة سنة 1987 م فعبر إلى الأندلس حيث كان في استقباله ابن عباد صاحب إشبيلية وابن الأفطس صاحب بطليوس وغيرهما من رجالات الدولة ، فاتصل الخبر بالفونسو وكان محاصرا لسرقسطة فارتحل عنها وصار يستغيث بكبار النصرانية فجاءته الوفود من أرغونة وقشتالة ، وبلاد البرتغال والأفرنجة ، وجعلوا منها حربا صليبية يجنون من ورائها أموالا طائلة فلما اجتمعت جيوش الكفار كان عددهم يفوق عدد المسلمين أضعافا مضاعفة ، فاغتر بذلك ألفونسو وأعجب بتنظيم جيشه ، وبالألبسة التي كان يرتديها ، والمعدات القتالية التي يتوفر عليها ونزل يوسف بن تاشفين بجيش المسلمين بموضع يعرف بالزلاقة وهي أرض غير بعيدة عن مكان نزول ألفونسو بجيوش النصرانية . ولما تراءى الجيشان ، ونظر ألفونسو إلى جيش المرابطين وهم يرتدون ألبسة أشبه ما تكون بالأطمار فلا توجد عليها أثار زينة وترف ، احتقرهم وقال مستكبرا إن جيشي هذا سوف ألقى به هذا البربري المتوحش وإله ومحمدا صاحب کتابهم ثم أرسل ألفونسو کتابا إلى ابن عباد يقول فيه إن غدا الجمعة هو عيدكم ويوم الأحد هو عيدنا ويوم الاثنين هو يوم اللقاء بكم يوم الساحة ، فانتبه ابن عباد إلى مكر وخداع ألفونسو وقال ليوسف إن النصارى لا عهد لهم ولا ذمة وأنهم سيبدؤون بالهجوم غدا الجمعة ، فحث يوسف جميع فصائل الجيش باليقظة والاستعداد لكل طارئ ولاحظ أمير المسلمين بعض الارتباك على حركات ابن عباد ، فطمأنه بالقول : لا عليك يا ابن عباد إنه لن يكون بإذن الله إلا ما يكرهون