آخر الأخبار

الإساءة والإحسان في حق من حكم مراكش-21-

وقال بعض المؤرخين القدماء أن أول من سكن أرض الأندلس من بعد الطوفان أقوام كانوا يدينون بدين التمجس يتصفون بالإهمال والإفساد في الأرض فأخذوا بذنوبهم فحبس عنهم المطر حتى يبست التربة وعم القحط،وغارت العيون، وجفت الأودية، وبادت الأشجار ، وظهرت الأوبئة والأمراض ، فأقفرت الأندلس جزاء لما ارتكب أهلها من الآثام والمعاصي العظام ، ففر من يقدر من أهلها على الفرار ، وهلك الباقون وصارت الأندلس خاوية على عروشها زمنا طويلا حتى استوطنها بعض الأفارقة الذين فروا من ظلم حكامهم فوجدوها خاوية فاستقروا بها وسكنوا وتوالدوا فيها ، فبعث الله فيها الحياة من جدید ، فأمطرت وجرت عيونها ، وأخصبت تربتها ونصبوا من أنفسهم ملوكا عليهم ضبطوا أمرهم وتولوا على إقامة دولتهم . كما ذكر بعض المؤرخين كلاما طويلا عن من سكن الأندلس بعضه لا يصدقه العقل ولا يستند إلى دليل مقنع والصحيح أن بعد هذه الفترة صار ملك الأندلس إلى عجم روعة وملكهم آنذاك الشبان بن طيطش وباسمه سميت الأندلس إسبانية ، وهو الذي بني إشبيلية وكان ملكا عظيما وجيشه لا يقهر وهو الذي هدم مدينة طالفة ونقل رخامها إلى إشبيلية وأتم به بناءها واتخذها عاصمة لملكه فلما كثرت جموعه وعلا عتوه فكر في غزو إيليا وهي القدس الشريف فخرج إليها من إشبيلية في جيش عظيم على ظهر سفته الحربية وذلك بسنتين بعد تربعه على عرش الأندلس ، فدخلها عنوة وقتل من وجد بها واسترق خلقا كثيرا من أهلها ، ونقل رخام إيليا وآلاتها إلى الأندلس وكان من جملة ما نقل مائدة نبي سليمان عليه السلام ، والتي عثر عليها الفاتح العظيم طارق بن زیاد بكنيسة طليطيلة وفكيكة التي ألقاها موسى بن نصير بكنيسة ماردة . لقد أحكم هذا الملك وجوده على جميع أرض الأندلس وخضعت له الرقاب واستسلمت له الجموع والوفود ، وأصبح نظام ملکه مطلقا ونافذا على جميع سكان البلاد وبهذا أصبح الملك يتوارث بين الأسرة المالكة أبا عن جد .