آخر الأخبار

هل أتاك حديث الرويبضات ؟؟

محمد العبدوني خياري 

هل اتاك حديث الرويبضات ؟ لكل زمان ومكان رويبضاته…..   

الرويبضة هو: الشخص التافه الذي يتحدث في أمر العامة، وكما ورد في الحديث الشريف (سيَأتي علَى النَّاسِ سنواتٌ خدَّاعاتُ يصدَّقُ فيها الكاذِبُ ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ، ويُؤتَمنُ فيها الخائنُ ويُخوَّنُ فيها الأمينُ، وينطِقُ فيها الرُّوَيْبضةُ، قيلَ وما الرُّوَيْبضةُ يا رسول الله، قالَ صلى الله عليه وسلم: الرَّجلُ التَّافِهُ يتكلم في أمرِ العامَّةِ) أما المعنى المستفاد من الحديث الشريف فهو يؤكد على أنّه سيأتي زمان على الناس يصبح الرجل السفيه هو صاحب الكلمة، والحكم والناهي في قضايا الناس الكبيرة، فيساهم وصوله لهذا المكان في تضليل الناس وانتشار الفساد.

من أبرز ما نراه ونتابعه حاليا، وخصوصًا في بعض الأحزاب او المؤسسات العمومية، ظهور بعض الشخصيات التي تصدّرت المشهد المغربي، وهي لا تحمل أي مؤهلات  إلا أنها جاءت بالقوة أو المال أو مدعومة من جهات أخرى، لا ترغب في تقدّم المؤسسة وبالأحرى التفكير في تقدم الدولة، وللأسف نجح بنسبة كبيرة في تحقيق المراد.

وعلى نفس الشاكلة ظهرت رويبضات، لم يكن لهم تاريخ على مستوى المدينة ؛ تصدّروا المشهد بشكل مثير، وأصبحت لهم جماهير تروّج لتفاهاتهم، وتستخدم مصطلحاتهم وعباراتهم وإيحاءاتهم وتعابيرهم،فبعض الأحزاب المغربية والمجالس المنتخبة ومؤسسات الدولة مليئة بمثل هذه الشخصيات التافهة التي أتت إلى صدارة المشهد بفعل فاعل، وخصوصًا بعد أن  أتانا أحد المسؤولين السابقين بمقولة “عفا الله عما سلف”، و هكذا فهي تزداد توغلا وتوحشًا كلما وجدت استسلامًا من الشرفاء والمتعففين، وتعمل على خداع الرعاع ، لأنهم يتبعون الرويبضة في كل شيء، ويبررون مواقفه ويدافعون عنه مع نهج سياسة ” الله ينصر من أصبح” رغم  أسلوبه الذي يتسم بالسفاهة والركاكة والميوعة، والاستخفاف بعقول الناس، وطرح الأفكار السطحية و الغريبة في المجالات المختلفة التي تنمّ عن قلة خبرة ووعي، ولكن الرويبضة يتقوّى بالانبطاح والتبنديق، وقد يجلب معه كل الشخصيات التي تدور في فلكه، وتسعى لنفس سياسته في العديد من المواقع والمواقف، من أجل تغييب الفكر، وخداع الوصوليين، مع حرصه على إبعاد كل شريف حر او مثقف عن مواقع المسؤولية.

ونحن اليوم نرى كثيراً من الساسة والمسؤولين والمؤسسات وأصحاب الفكر وأجهزة الإعلام والإعلان، التي تسعى الى نشر الكذب والافتراء وفي تشويه حقائق الواقع والتاريخ، حتى باتت الحقيقة ضائعة وغريبة فامتلأت جوانبنا بالعديد من الرويبضات، بل أصبحوا نموذجًا واضحًا للتبعية الكاملة و المكتملة في كل الميادين، و صرنا نجد بعض الإعلاميين يتصدرون المشهد، وهم لا يتقنون فنون التواصل أو الكتابة، أو المساهمة في رفع الوعي، بل كل مؤهلاتهم الأساسية التطبيل ، وهدفهم في الأساس إرضاء ولي نعمتهم، والتفنن في تنفيذ سياساته، وقلب الحقائق، وتشويه من يعارضه ، حتى لا يخرجه الرويبضة من رحمته، ويطرده من تحث ابطه. نفس النمط نعاينه مع من يدّعي أن لديه معرفة بالتاريخ، وهدفه الأساسي هو تشويه التاريخ،  وطرح نماذج مشوهة لتقتدي بها الاجيال القادمة. هكذا صرنا نجد الرويبضات في كل المجالات والميادين والإدارات والوزارات، حتى كثر المتجرئون ، و صار علينا أن نستمع إلى آراء الساقطين مما يخلق أجواءً من الثقافة الرخيصة . إننا اليوم في زمن الرويبضات فمنهم من صارمفكراً أو مخططاً أو باحثاً أو فناناً أومنتخبا أو رئيساً أو مسؤولا بإحدى المؤسسات ، وقد وجد في هذا العصر من الأموال وأجهزة الإعلام ما يجعل أمر بروزه  يسيراً وسلساً. وهكذا صار الرويبضة يقول ويفتي ويحكم ويقيم وهو إلى الجهل أقرب. من صفات  الرويبضة أنه شخص تافه وبه جهل مركب، يدّعي  أنّ مصلحة الوطن تهمه بل يتباكى بدموع التماسيح ظنا منه أنه قد يخدع أصحاب الحال، وأنّه يطالب بالحق والشفافية لكن في الواقع هو عكس ذلك. يبحث الرويبضة عما يلبي احتياجاته وأهوائه، دون الاكتراث لغيره فهو يدّعي العلم، و”المعقول”، ويتفنن في إيجاد مخرج دوماً لفساده وفساد حاشيته  لأن الرويبضة يختار حاشيته من اشخاص حسب ما يتصفون به من مفاسد وسوء أخلاق ، لإمكانية العبث بهم كبيادق  وتثبيتهم أو ازاحتهم حسب مزاجه، ولكونهم خير من يتواطأ معه على السرقة  والكذب و”التنوعير”. وما هو إلا  جاهل ذوعقل خاوية  يقدم الكاذبين إلى المنابر ويُروج لكذبهم وادعاءاتهم، بينما يستبعد الصادقون ويُخوّنون ويُمنعون من ممارسة صدقهم مما قد يعود بالخير لكامل الوطن. ان ظهور أمثال هؤلاء سببه استبعاد أهل العلم و الشرفاء  ومحاربتهم والتضييق عليهم، حتى يتراجعوا و يزهدوا في تقديم النصح والفتوى والقول السليم القويم في المشكلات  والشبهات غير الواضحات.لكن نحن في زمن غريب حيث يتحدث الخائن عن الأمانة والكاذب عن الصدق والماكر عن الوفاء فنحن في زمن التناقضات لكن فقاعات الصابون مع ارتفاعها ستتناثر وتختفي في الهواء.والخلاصة: أنه على الرغم من تضخم التوافه في حياتنا؛ إلا أن هذه الظاهرة لن تعمر طويلًا، لأني لا أظن أن الزبد له فائدة

( الكشكوشة) ، أو أنَّ ارتفاعه دائم ، بل هو مؤقت إلى زوال، وسيتلاشى الباطل، وسيعلو الحق ويسود، كما قال الله تعالى: (فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) .

ملاحظة :كانت تأتيني ملاحظات من بعض الزملاء يرتابون أني أعنيهم بمقالاتي، سأجيبهم ان هذه مقالات عامة  فشكرا لمن قرأ مقالاتي وابتسم  وعذرا لمن أصابتهم حروفي وجعا فنحن ننطقها ببراءة وغيرنا يفسرها بخبث ومن يجد نفسه أنه مقصود بها فعليه تصحيح مساره ………