آخر الأخبار

واقع المنظومة التربوية بين رؤية استراتيجية بتاكتيك مهترئ ـ 3 ـ

انبثق مشروع القانون الإطار عن الرؤية الاستراتيجية للإصلاح تنفيذا لتعليمات المؤسسة الملكية، واستنادا إلى

أحكام  الفصل 31 و71 من دستور 2011 ،بتاريخ 20 ماي 2015 ، وتمت المصادقة عليه بتاريخ 20 غشت 2018 ، باعتباره قانونا ملزما لمتابعة الإصلاح بعيدا عن إكراهات الزمن السياسي ، والتناوب الحكومي ، وأجندات الأحزاب ، واللجان التقنية .

لقد تم الدخول بواسطة القانون الإطار على مستوى سيرورة الإصلاح في مرحلة جديدة من مراحله تتمثل في مرحلة التأسيس القانوني الملزم ،وبالرغم من ذلك لا زالت تعتوره مجموعة من النقائص  في مقدمتها :

1- ما يرتبط باللغة المعتمدة في الصياغة ،إذ من المفروض في قانون إطار الابتعاد عن لغة الأدب واعتماد لغة القانون ،والتركيز على مفاهيم إجرائية مرتبطة بالمشروع أكثر من غيرها ،حتى لا يقع في ما وقعت فيه لغة الميثاق (جعجعة بدون طحن ).

2-ما يتعلق بسلطة القرار ،إذ يجب توخي الوضوح والشفافية في حدود مسؤولية الدولة وتحديد المقصود بها ،ومسؤولية الحكومة والوزارة المسؤولة عن القطاع داخلها ،إضافة

إلى مهام المجلس الأعلى للتعليم تلافيا لأي تداخل في الوظائف وتحديدا للمسؤوليات .

3-إزالة اللبس الحاصل في مسألة التمويل ،إذ ينص القانون الإطار على إحداث صندوق يمول من طرف جهات عدة (الجماعات الترابية – المؤسسات والمقاولات العمومية ومساهمات القطاع الخاص ) في حين يشير المشروع إلى رسوم للتسجيل تشمل التعليمين الجامعي والتعليم الثانوي التأهيلي طبقا لما سيحدد بنصوص تنظيمية لاحقة ،وهو ما يضع مجانية التعليم موضع إجهاز .

4-الحسم في الرؤية اللغوية والتحديد المفاهيمي الدقيق للمصطلحات الواردة في القانون الإطار من مثل الهندسة اللغوية ،والتناوب اللغوي والتعددية اللغوية ،والخيارات اللغوية ،إضافة إلى الحسم في قضايا جوهرية والابتعاد عن لغة الإرجاء في ما يتعلق بالأطر المرجعية والنصوص والقوانين التنظيمية ،إضافة إلى توخي الموضوعية في الجدولة الزمنية المرتبطة بتحقيق بعض الأهداف كما هو الشأن بالنسبة لتأهيل المؤسسات خلال ثلاث سنوات ،أو القضاء على الأمية خلال ست سنوات .

على سبيل الختم :

إن نجاح المنظومة التربوية لا يتأتى أولا وأخيرا إلا بالتركيز على قطبين أساسيين :

1-المتعلم وما يرتبط به من تجديد المحتويات وتحديث المناهج ومراجعة المقاربات التدبيرية في التسيير التربوي .

2-المدرس والإداري وما يتطلبانه من تشجيع وتحفيز وتكريم وتكوين وإعادة تكوين وتوفير ظروف ملائمة لعمل تربوي ناجع .

إن واقع حال هذين القطبين يؤشر في ظل المشاريع السابقة على وضع مأزوم ،ارتمت بفعله فئة عريضة من تلاميذنا في مستنقع المخدرات ،وابتعدت فئة محترمة من خيرة أطرنا وأساتذتنا وإداريينا عن التعليم (مغادرة طوعية ،وتقاعدا نسبيا )، فرارا من إحساس باغتراب داخل منظومة ساهموا في بنائها ،وزلزلت من تحت أقدامهم بمعاول لم يسهموا في صنعها .

عبد الصادق شحيمة

 30