آخر الأخبار

الإساءة والإحسان في حق من حكم مراكش-7-

استغاثة أهل سجلماسة بالمرابطين

لما كانت سنة 447 ھ 1059 م كتب أهل سجلماسة كتابا إلى عبدبن ياسين بصفته مؤسس الدولة وزعيمها الروحي ، يستنجدون به ، مما لحق بمسلمي تلك المناطق من ذل وصغار على يد عمال مستبدين من بقايا الدولة المغراوية المنهارة ، وجاء طلب هذه الاستغاثة في وقته حيث أسند الأمر ليحيى بن عمر الكدالي بعد وفاة يحيى بن إبراهيم سنة 443 ھ أي بعد مرور 13 سنة استطاع يحيى بن عمر خلال هذه المدة تكوين جيش قوي شباب كله إيمان وتقوى ، وجلهم يحمل كتاب الله عز وجل حفظ وفهم . زيادة على الاستفادة أحسن التداريب التي تلقوها على أنواع الأسلحة وآلات الحرب المبتكرة آنذاك ، وذلك بفضل ما أصبحت تتوفر عليه الدولة من أموال جمعت من غنائم وزكوات حتى بات بیت المال لا يتسع لحصرها وكانت أعين عبد الله بن ياسين ويحیی بن عمر تشملها بعناية كبيرة ، وكان يحيى بن عمر هذا رجلا فاضلا ودينا مخلصا قرة عينه الجهاد في سبيل الله ، وإعلاء كلمة التوحيد زاهدا في الدنيا ومفاخرها . وجاء في رسالة أهل سیجلماسة شكوى ببقايا عمال دولة مغراوة وهم عبارة عن ظلمة مستبدين يكرسون هذا الاستبداد أبا عن جد ويتوارثون حكم سكان هذه المنطقة حتى ورث الحكم فيها مسعود بن واندوين عن أبيه واندوین بن خزون ، وكان مسعود هذا من المفسدين في الأرض إذ فرض على أهل درعة وسجلماسة الخدمة الإجبارية لصالحه . وأرغم السكان على رعي الإبل والنوق والأبقار والأغنام ، والتي سبق أن استولى عليها منهم عن طريق دفع الضرائب والإتاوات والأخماس . كما كان يلزمهم بحرٹ وسقي أراض سبق أن سلبها منهم قهرا وغلبة ، فلما انتهى الله ياسين من الإطلاع على فحوى الرسالة سلمها إلى یحیی بن عمر لقراءتها على الحضور من شيوخ القبائل الذين استنكروا ما يقع المسلمي هذه المنطقة من طرف عصبة جائرة مستبدة . فكان أن طلبوا منهم التدخل لنصرة إخوتهم شي الدين ، ورفع ما عليهم من ظلم وإيذاء . وما هي إلا بضعة أيام حتى أمر يحيى بن عمر بأن يتحرك الجيش من كدالة نحو سجلماسة . كان ذلك يوم العشرين من صفر سنة 447 ه 1059 م فصار هذا الجيش الجرار تحت إمرة يحيى بن عمر ، وأما الإمامة والإرشاد فتعودان إلى عبد بن ياسين ، وكان هذا الجيش وهو يزحف نحو أرض المعركة يهلل ويكبر ويذكر الله كثيرا كما كان يؤذن للصلوات الخمس وتؤدى لوقتها ، وبعد أيام وصلت طلائع هذا الجيش إلى درعة فوجدوا بها عاملا اسمه مسعود بن واندوين المغراوي فجلوه عنها وهرب مع بعض معاونيه ، وأسر البعض الآخر ، ومن جملة ما وجد على ضفاف نهر درعة العظيم خمسون ألف رأس من الإبل والنوق يملكها مسعود هذا . وترعاها وتهتم بشأنها ساكنة الوادي وكل من رفض الخدمة الإجبارية هذه كان مصيره الموت ، فاستولى عبد الله بن ياسين على القطيع واعتبره أول غنيمة تقع في يد المرابطين وتحت تصرفهم ، ولما بلغ الخبر إلى مسعود جمع الجموع من أنصاره وأتباعه وخرج لملاقاة الجيش المرابطي ، وما النزال حتى انهزم مسعود ومن معه ، فقتل أكثرهم وأسر ما تبقى منهم وكان من جملة القتلى مسعود بن واندوین المغراوي .