آخر الأخبار

تعنيف النقيب بن عمرو وصمة عار على جبين السلطة

أحمد عصيد
أصبح عنف القوات العمومية في الشارع أمرا مقلقا، فسواء تعلق الأمر بالعنف ضدّ رجال ونساء التعليم أو ضد الحقوقيين أو النقابيين أو الممرضين والعاملين في قطاع الصحة أو أي قطاع آخر، فإنه عنف يعكس عقلية السلطة وطبيعة النظام السياسي في بلادنا، الذي ما زال يعتقد بأنه من الممكن حلّ المشاكل الحقيقية بالعنف والترهيب وسوء المعاملة.
ومن آخر ضحايا هذا العنف الذي لا يمكن إلا إدانته بقوة، الإهانة المتعمدة في حق قيدوم الحقوقيين المغاربة وأحد رموز النضال اليساري النظيف السيد النقيب عبد الرحمان بنعمرو.
إن الطريقة التي تمت بها معاملة النقيب بنعمرو خلال وقفة سلمية في الشارع العام لا تعني فقط استهتار السلطة بالحق في التعبير عن الرأي، بل إن دلالتها الأكثر فداحة هي عدم احترام رموز البلد وكرامتهم وعطاءهم وتضحياتهم، فالنقيب بنعمرو نموذج للمناضل اليساري الصلب الذي وهب حياته من أجل كرامة مواطنيه، ومن أجل إرساء دولة القانون في المغرب، وهو الذي لم يساوم ولم يرضخ طوال مساره المهني والسياسي والحقوقي لا للإغراء ولا للترهيب. وعوض أن تعتبره السلطة وجها مشرقا في مشهد بئيس، تنهال عليه بسوء المعاملة، والرسالة التي توجهها للمغاربة من خلال هذا الفعل الشنيع هي أنّ الدولة المغربية لا تعرف رموز البلد ولا تعترف بالوجوه والشخصيات الوطنية، وأن منطقها الوحيد في تدبير شؤونها هو العنف والإهانة، ليس لأنها أقوى من إرادة المناضلين الأحرار بل فقط لأنها تخشاهم، وتفزع من نزاهتهم.
مرة أخرى من الوهم الاعتقاد بأن إصدار بيانات الإدانة والاستنكار وحده كاف لردع السلطة عن مثل هذه التجاوزات، بل لابد من الخروج من الشتات الحالي للقوى الحية، نحو الجبهة الديمقراطية الموحدة والمنشودة، والتي وحدها من شأنها تغيير موازين القوى والضغط على ذوي القرار من أجل خلق انفراج حقيقي، وتصفية الأجواء باحترام الحريات الفردية والجماعية، واحترام القانون، وتعويض العنف بالإصغاء والحوار والتجاوب.