آخر الأخبار

الرقاص

إدريس المغلشي 

الرقاص كلمة لم تعد متداولة بالكثرة كما كانت في السابق لنذرة سماعها ولغرابتها.

أجدني مضطرا لأستلها من ركام وذاكرة معجم التداول وهي تجمع بين دلالتين فإذا كانت تعني في المقام الأول الرقص نشوة بعد كسب أو فرحا في مناسبة ما.

ففي الثاني تعني السعي بين مصدر الخبر ومنتهى تبليغه في زمن كان البريد مقتصرا عليه لوحده . لكن في الآونة الأخيرة أصبحت ذات مفاهيم متعددة دون تحديد هوية.

لقد أصبحت كلمة ملغومة ملتبسة لم تعد تأتي لمفردها لتبرر وجودها . أتساءل مع هذا الالتباس مابالها كلما استجد حدث في الساحة الا وتظهر بشكل ملفت واستثنائي ؟
كلمة تطل في كل مرة علي من خلال أدوار يقوم بها البعض فتحيي في مخيلتي الصغيرة هذا الدور او ان شئنا القول هذه المهمة.

قديتساءل البعض في ظل تطور وسائل التواصل لدرجة مخيفة عوض أن تساهم في تطوير وعي الشعوب أصبحت تنسف ماتبقى منه عبر سلوكات لاتستحق الذكر ولا التناول .نعم رغم وجود هذه القفزة للجامحة في العلوم لازال الرقاص في مقالنا هذا يحتل مكانة ولو في الظل فيخرج في كل مرة ليؤدي دوراملحاومهما ثم يختفي .
يحكى والعهدة على الراوي .
في يوم من أيام الله الجارية دخل الرقاص متسللا لمكان الندوة كعادته يتأبط آلته السحرية، بعدما مر من زمن اللقاء حيزا هاما دون أن يثير انتباه الحاضرين، عيناه جاحظتان تتلصصان جنبات القاعة في قراءة سريعة لمكونات الحضور . تقدم بخطى بطيئة نحو المنصة دون أن يثير الإنتباه ليأخذ صورا للمنشطين فردا فردا .ثم عرج نحو الصف الأول وصورة شاملة للقاعة فانزوى بعدكل هذه العمليات المتتالية والمعتادة في ركن قريب من المدخل الرئيسي للقاعة بدأ يدون مايقال وقد استطاع من خلال أسئلة التفاعل أن يجمعها لتشكل له صورة تتكامل مع الصور التي أخذها في بداية الأمر  لا نشك في حرفيته وقدرته على انجاز تقارير متكاملة الاركان .

يطرح دائما سؤال عند مشاهدته لاول مرة .كيف نحدد مهمته وهو يتيه بين هوية الرقاص وبين صحفي ومراسل وفوتوغراف ؟
لايمكن ان تقف له على حقيقة لكن حضوره في الانشطة مسترسل بشكل لا ينقطع. يكفي ان يضع على صدره يافطة لتفهم أن صاحبنا لاعلاقة له بالدور الذي تحمله كعنوان ومع ذلك يقتحم كل المناسبات الرسمية منها ومادونها لايهم فله من الجرأة ماقد تجده في أماكن خاصة لايدخلها الاعلية القوم، كلما التقيته أبدى لي بشكل تلقائي ملاحظات على أمور تدبيرية كثيرة وانا استمع اليه اعلم جيدا أنه يسعى للمعلومة بشكل حثيث بل في بعض الأحيان يشحنها بأسلوبه الفج المبتذل مدحا وقدحا لتسخيرها لأغراضه الشخصية يعتبر سلطة قلمه كفيلة بضمان مكاسب لاحصر لها ووضعا اعتبارا، حين يرفع عقيرته المشحونة بلكنة غاضبة اعلم يقينا انها تهديد مباشر للمسؤول .كنت اعتقد فيما مضى انه قلم حر لايساوم يكتب بقناعة راسخة في التغيير .

لكن المحطة الأخيرة كشفت حقيقة مرة أن صاحبنا متعدد المهمات ولايعدو كونه رقاصا ينقل الأخبار لولي نعمته مرة على شكل مقال بصدر جريدة مشهورة بالأحداث واحيانا اخرى على شكل تقارير سرية فتأسفت بدواخلي كيف يصبح قلم في سوق النخاسة بلاثمن يصلح للبيع مرة وللايجار عدة مرات مما يساهم في تدني مستوى النقذ والبناء على حد سواء لكن الحقيقة المرة أن سيده وولي نعمته يجيد اختيار الدور له مادام الرقاص يتحرك في المجال كسيف ديموقليس. فكرت مليا في هذا الحدث وتساءلت مع نفسي قائلا : المواقف والمبادئ مجرد خلفيات تعكس شخصية الإنسان وكيفية تصرفه  فإذا كان هناك من يتصنعها و ينتحلها فالمحن والأحداث كمحك حقيقي كفيلة بأن تكشف معدنه .