آخر الأخبار

موال أطلسي للكاتبة سعيدة عفيف – 3 –

عبد الصادق شحيمة

موال أطلسي للكاتبة سعيدة عفيف : بين سموق معمارية النص الموازي وغور مكونات ومرجعيات السرد.

2-العنوان  : موال أطلسي :

تمت الإشارة سابقا إلى معمارية النص ،والتي تقتضي القصدية بدلا من الاعتباطية ،وبناء عليه ،لا  شيء يمكن أن يخضع لمحض الصدفة ،القانون إياه يصدق على العنوان ،وللكاتبة فيه خبرة المحترف ومهارة الصانع : ظرفية زمنية مرتبطة بانتظارية سمتها الخفاء في  عنوان الديوان الشعري  ” ريثما ” وظرفية زمنية أخرى مرتبطة بانتظارية سمتها التجلي في عنوان المجموعة القصصية ” في انتظار حب الرشاد ”

ماذا عن “موال أطلسي “وما علاقته كنص موازي / مناص   ،بالنص هل يندرج ضمن العناوين الأدبية التي تحدد الموضوعة الأساسية للكتاب ،أو ضمن العناوين الموظفة للمجاز والمعتمدة عليه ،أو يندرج ضمن العناوين الرمزية ذات البعد الإيحائي ؟

لنقف في البداية عند الدلالة اللغوية لكلمة موال : الموال بالتشديد ،فعال ، والصيغة تأتي للمبالغة ،تجمع على موالات ،والعامة تجمعها على مواويل ،وتجمع أغلب الدراسات إلى أنه نوع من النظم الشعري يتغنى به ،ظهر مع نكبة البرامكة والتي كان ضحيتها الأول وزير هارون الرشيد ،جعفر البرمكي (187/803 ) الذي قتل من طرف الرشيد ،ثم صلب وقطعت أعضاؤه ،وعلقت بأماكن متفرقة ،ثم جمعت وحرقت فيما بعد 187 ه وكان هارون الرشيد  قد أمر ألا يرثى جعفر ،إلا أن إحدى جواريه رثته بشعر عرف فيما بعد باسم المواليا .

يقول صفي الدين الحلي (675-750)(1276- 1349 ) -من أوائل الشعراء الذين انتبهوا لأهمية الأدب الشعبي في العراق – وهو بصدد الحديث عن فنون الشعر السبعة الملحونة منها ثلاثة معربة أبدا لا       يغتفر اللحن فيها وهي  : الشعر القريض والموشح   والدوبيت ،ومنها ثلاثة ملحونة أبدا وهي الزجل والكان كان والقوما ،ومنها واحد وهو البرزخ بينهما يحتمل الإعراب واللحن ،وإنما اللحن فيه أحسن وأليق وهو المواليا ” صفي الدين الحلي /المعطل الحالي ،والمرخص الغالي في الأزجال والموالي  نقلا عن دراسات في الموال العراقي للدكتور خير الله سعيد 2014

الموال إذن :شعر -صوت غنائي – رثاء ناتج أو ناجم عن نكبة -مرتبط بموت ،وكأدب له ارتباط بما يسمى الأدب الشعبي في بعده الطبقي .

التوصيف “أطلسي ” يفيد التخصيص المكاني نسبة إلى جبال الأطلس ،وضمنها نلحظ الدلالة المجازية ” المحلية ” (إطلاق المحل وإرادة الحال فيه )والتي لامحالة سترشح ببعد إيحائي رمزي ،يتركنا نتساءل ونحن نأخذ بعين الاعتبار الوظيفة التداولية التواصلية للعنوان عبر عناصره الثلاثة : المرسل والرسالة والمرسل إليه .عمن يصدر الموال ؟  (مرسله ) ومن يستقبله ؟  ما دوافعه وما دواعيه ؟ ما مضمون الرسالة ؟ أسئلة تستدعي جولة أولى ورحلة عبر تضاريس نص الرواية أو أطلس الموال ،إنه جهد الانتقال من السفح إلى القمة وفي الوصول متعة والتذاذ .

يظهر الموال بصيغة الجمع في الصفحة 25 ويستمر إلى حدود الصفحة 171 حيث يرد قول السارد ” تركنا مواويلنا ولذتنا في استظهار أشعار الكبار إلى وقت لاحق   إذ أن هناك ما هو أحق بالاهتمام ”

المواويل في الفصل الثالث داخل هذا الفضاء الشاسع القرية بجبالها الشامخة وشلالاتها المنهمرة وبحيرتها العاشقة – بحيرة العشاق – تتراجع تختفي تنحبس كصوت ،لصالح الرؤية البصرية ،فتحل هذه محل تلك ،تقوم بوظيفتها وتحقق مبتغاها ،لقد تحلل المختار من فواجعه  وآلامه ” استشعرت راحة كبيرة وتنفست الصعداء ….. لا ريب أن لحظات حب تقهر أنواء وفواجع ” ص27.