آخر الأخبار

نهب المال العام و ما لا بحصى من الحراميين

عبدالرزاق الحيحي

لكي تعلموا كيف تتلاعب المافيات بالمال العام، وكيف تتم التغطية على قضايا النهب والفساد اللذين تغولا واستشريا داخل ما يسمونه “أجمل بلد”، فالقضية جد سهلة، فيكفيكم الاطلاع على ما يجري بخصوص الصفقات العمومية التي تبرمها الإدارات العمومية والشبه عمومية وتنقصها الشفافية، وإجراء تحريات بخصوص الشركات المحظوظة التي تفوز بالصفقات، أو الاطلاع على الصفقات والقضايا التي خضعت لافتحاصات وأنجزت بخصوصها تقارير وأبحاث قضائية، لتغطيها خيوط العنكبوت فوق رفوف مكاتب معينة في آخر المطاف، ثم تنسى أو تطوى نهائيا، وهذا يؤدي حتما للإفلات من العقاب.
شخصيا، لن أتساءل أين الثروة ولم يسبق لي أن تساءلت عنها، فالكثير يعرف الميازيب والمجاري المتعفنة والنتنة التي تمر منها لتصل إلى مستقرها ومستودعها. السؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرح هو: أين المحاسبة؟ خصوصا إذا ما انطلقنا من مبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة”، ثم إذا ما علمنا التلكؤ الذي تتعاطى وتتعامل به جهات مسؤولة مع ملفات نهب المالي العام، والمتابعون فيها أناس معروفون ونافذون وأسماؤهم قد أزكمت الأنوف، بعدما أصمت الآذان جعجعة ملفات جطو. فمن يحاسب من؟ وماهي مآلات كل الملفات التي أنجزت التقارير بشأنها؟
فليعلم الجميع أنه كلما كانت هناك قضية توحد المواطنين (صوريا)، وتشغل الرأي العام وتدفع بالمواطنين للتطبيل والصراخ صباح مساء، فاعلموا أن هناك من المتحكمين من يرى الفرصة سانحة لإعداد طبخات من وراء حجاب، إما لصالح المافيات المتحكمة أو أن الحكومة المحكومة مقبلة على إجراءات دنيئة تستهدف جيوب المغاربة وأرزاقهم. من الأمثلة الصارخة التي أستدل بها على ما أسلفت، قضية “البلوكاج” الذي بات يوجه عمل اللجنة البرلمانية المكلفة بإعداد تقرير حول الصفقات الكبيرة بمديرية الصيدلة والأدوية بوزارة الصحة، وتلكؤ رئيس لجنة تقصي الحقائق التي تشكلت منذ ما يزيد عن شهر ونصف، في الوقت الذي ينص النظام الداخلي لمجلس النواب على ضرورة إعداد التقرير خلال 60 يوما إضافة للزيادة الصاروخية في ثمن زيت المائدة والزيادة التي طالت اليوم ثمن البيض..
فمن يقوم إذن بعملية البلوكاج ؟؟ الجواب : لا شك أن هناك شركات قد تكون في ملكية أشخاص نافذين استغلوا مناصبهم أو قربهم من جهات معينة، فيحظون بالصفقات العمومية بطرق، الله أعلم بها، وهم ربما من يقومون بعملية “البلوكاج” والضغط على اللجنة البرلمانية أو على رئيسها من أجل عرقلة التحقيق أو طي القضية حتى لا يفتضح أمرهم.