آخر الأخبار

تقديم كتاب محمد بن ولي الله – 1 –

شحيمة عبد الصادق

تقديم كتاب الإساءة والإحسان

في حق من حكم مراكش من النشأة إلى الآن

تقديم :

صدر كتاب الإساءة والإحسان في حق من حكم مراكش من النشأة إلى الآن ل :ح محمد بنولي الله في طبعته الأولى 2020 عن المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش في حجم متوسط يصل عدد صفحاته مائة وستا وتسعين صفحة، ولأن الموت لم يمهل ح .محمد بنولي الله لوضع لمساته الأخيرة على ما دبجته يمناه مما اعتبره عملا متواضعا وإسهاما بسيطا مقارنة مع ما كتب حول تاريخ هذه المدينة، فإن أبناءه تكفلوا بطباعة الكتاب وإخراجه بالطريقة التي هو عليها الآن .

وبالنظر إلى ما يمكن أن نعتبره مندرجا ضمن الخطاب المقدماتي عبر ما سماه الكاتب
بـ” كلمة لابد منها ” إضافة إلى فهرس الكتاب يبدو أن عدد فصوله بعدد الدول التي تعاقبت على  حكم المغرب فهناك :

أخبار دولة الأدارسة – وأخبار الدولة المرابطية – وأخبار الدولة الموحدية – وأخبار الدولة المرينية – وظهور الدولة الوطاسية وأفولها – وأخبار الدولة السعدية – وأخبار الدولة العلوية ، ويتخلل هذه الأخبار / الفصول مجموعة من المباحث تتفاوت طولا وقصرا حضورا وغيابا .

وإذا تميز التاريخ المغربي بسيادة وانتشار علم التاريخ سواء منه الخاص  بالمدن (تواريخ خاصة ) أو بالوطن عموما ،فإن كتاب ح . بنولي الله يندرج ضمن هذا الإطار ،بل يحمل في طياته بعضا من مظاهر تجاوزه ،لكونه يدخل في دائرة إعادة كتابة هذا التاريخ ،كرد فعل على المؤلفات القديمة المؤسطرة للوقائع والأحداث والمليئة بالعجائبي والخرافي،
أو البحوث الجامعية المغرقة في الإبهامات النظرية والمنهجية ،والمبالغة في التفاصيل والجزئيات غير المجدية ،أو الكتابة الاستشراقية الطافحة بالأحكام الاستعمارية المنطلقة من نزعة فوقية مركزية .

إن النمطين السائدان في الكتابة التاريخية التقليدي ( الناصري وابن زيدان والمختار السوسي ومحمد داود) المعتمد على مفاهيم الحقبة والحدث والوثيقة، والنمط الحديث ( ليفي بوفنصال ) المتسلح بالمناهج العلمية الحديثة ، قد أصبحا متجاوزين، ويندرجان معا ضمن الكتابة التاريخية التقليدية ، والتجديد كما يراه المؤرخ والمفكر المغربي عبد الله العروي ” يتطلب ظروفا ذهنية واجتماعية ،جماعية وفردية  لا تتحقق إلا بشروط كثيرة وفي أمد طويل ( مجمل تاريخ المغرب  ج 1 / ص 12)، لا يستطيع المنهج وحده متفردا القيام به .

كيف يحدد ح. محمد بنولي الله مفهومه للتاريخ ،وهل يعيد فعلا عملية إعادة كتابته ؟ ما المنهج الذي تم اعتماده من قبله ؟ والأجهزة المفاهيمية التي انطلق منها؟ ما موقفه من التأليف الاستعماري ومن أحكامه السلبية الصلفة ؟ ما طبيعة الأسلوب المعتمد لديه في الكتابة ؟ كيف كان تعامله مع الوثيقة التاريخية وهل يحمل كتابه جدة على هذا المستوى ؟ كيف كان تأويله لبعض الوقائع والأحداث، هل استفاد من نتائج الدراسات الأركيولوجية الموظفة لتقنية الحفريات ؟و ضمن أية فئة من الفئات يندرج كتابه ،هل ضمن فئة المجترين الذين يرددون ما كتبه القدامى ؟ أو ضمن فئة المؤلفين الذين يستهدفون تكوين الناشئة، أو ضمن هواة الكتابة التاريخية الغيورين على الوطن وعلى ماضيه وحاضره ومستقبله ؟ كيف تم العدول في العنوان عن التأريخ للمغرب وهو جوهر مضامين ومحتويات الكتاب إلى التأريخ لمراكش رغم انتقال العاصمة في مراحل تاريخية إلى مدن أخرى غيرها ؟ هل استفاد المؤلف من التقدم والتطور الذي طرأ على المنهج التاريخي وإلى أي حد كان اهتمامه بالتحليل والنقد عوضا عن السرد والاهتمام بالرواية ؟ أسئلة عدة نروم اعتمادها في مقاربتنا قراءة هذا المؤلف الذي نعتبره وغيره من المؤلفات التاريخية المغربية ما زالت صالحة لثقافة المغاربة لاعتبارات عدة أساسية : يكمن أولها في جهل تام بالنسبة للأجيال الحالية بهذ ا التاريخ، وتداخله لديهم بتاريخ الدولة الإسلامية  بالمشرق، أما ثانيها فيرتبط بتصحيح  مجمل المغالطات في الكتابة الاستشراقية بجميع مدارسها واتجاهاتها ،وثالثها وأخطرها يتعلق بتجاوز كل ما من شأنه التشويش بله المحو والطمس لذاكرتنا الوطنية قصد توجيه مستقبلنا والتحكم في مصيرنا .