آخر الأخبار

وسائل الإعلام المتحكم فيها

َتفرض علينا وسائل الاعلام المتحكم فيها على اوسع نطاق، وبشكل لم يشهد له المغرب مثيلا حتى في سنوات الرصاص، الراي الوحيد والموقف الوحيد وتسارع في كل مرة الى توجيه الاتهامات الرخيصة بواسطة الاقلام الماجورة ومدعي الخبرة والمعرفة الموظفين للدفاع عن الزور الى كل راي او موقف يخرج عن اجماع يريده البعض شاملا لكل شئ، للسلطة والمال وزواجهما، ولا يقتصر على الدفاع عن وحدة الوطن والشعب المغربي من طنجة الى الكويرة.
هكذا باتت وسائل الاعلام المغربية، التي انحدرت الى الدرك الاسفل من الرداءة وصارت دعائية بالطرق المنحطة للدعاية، تتولى الترويج للاحاجي والتخاريف التي تتلقاها من الجهات المتحكمة التي لا تفقه شيئا في الاعلام او السياسة او الثقافة والفكر، لان كل رصيدها التاريخي المعاد انتاجه بشكل بدائي هو القمع ومصادرة الحريات ومحاربة الاعلام الحر والصحافيين الاحرار والمثقفين ورجال الفكر والسياسيين المعارضين والمتحررين من قبضتها.
في هذا السياق، لا بد ان يكون الجميع قد لا حظ، ما الاحظه بمرارة، ان النقاش العمومي في المغرب لم يعد له وجود وان الدولة تمكنت من جعل الكثير من المتدخلين الذين كانوا ينشطونه ويغنونه، بمساهمة نخب ذات استقلالية واضحة، يدخلون الصف ويتحولون الى ببغاوات تردد ما تريده الجهات الاكثر محافظة ومناهضة للاختلاف والتعدد والحريات والديمقراطية في الدولة، وبدخولهم الصف انخرطوا في السعي الى فرض الاجماع في كل شئ وادانة الاختلاف حتى، وهذا مالا يغير من حقيقته في شئ بعض التنويع على هامش دفتر النكسة.
وفي غياب النقاش العمومي بمشاركة اطراف مستقلة عن البوليس واصحاب النفوذ والمسيطرين على السلطة والثروة، وفي ظل التطويق الكامل والشامل للمجال الاعلامي و جعله نهبا للعسس والكوم الجديد، يستحيل ان يحدث في هذا البلد تطور حقيقي نحو ديمقراطية الحد الادنى او نحو تنمية دامجة للمقصيين والمفقرين والمهمشين الذين ستتعاظم اعدادهم في القادم من السنوات اذا استمر الامر على ماهو عليه وتغلب الاتجاه الى جعل كل السلطات في خدمة الثروات والاوليغارشيات التي تزداد ثراء وتحكما في المال والسياسة والاعلام وكل شئ وتفقدنا كل ماراكمناه كبلد مند المعركة ضد الاستعمار وجعلنا نحافظ لزمن غير يسير على تعددياتنا، التي تصفى باساليب ماكرة اليوم دون اعلان صريح للرغبة في فرض الراي الوحيد والحزب الوحيد ذي الاسماء المتعددة.
ان السعي الى فوز عزيز اخنوش برئاسة الحكومة بعد الانتخابات المقبلة، الذي يتم التهيئ له باساليب متعددة، من بينها خدمة صورة التكنوقراط الملحقين به المسيطرين على حكومة يتولى رئاستها رجل ضعيف الحيلة والذكاء السياسي، هو الجانب البارز في مشروع يتغيا تحويل الجميع الى عبدة لاصحاب المال والسلطة بغباء، واسكان بوليسي في وعي ولاوعي كل مواطن يحرسه ويقيه خطر التفكير بشكل مختلف فيما يجري ويدور او التفكير في مناهضة وضع ظالم ينتج المزيد من الثراء في جهة ومزيد من الفقر والاقصاء في الجهة الاخرى، وكل ما يقال ويتردد في المناسبات ليس اكثر من خطاب موجه لمن يعنيهم الامر، في الخارج وليس في الداخل الذي باتت نظرة المسيطرين اليه نظرة استهانة كي لا نقول ازدراء،
وليس غريبا ان يتزامن مشروع فرض اخنوش رئيسا للحكومة، واستعادة حزب السلطة الذي وضع على راسه للواجهة بعد فشل مشاريع اخرى لتكوين فديكات اخرى، مع تاليه المؤسسة الامنية واظهارها بمظهر يحيل على رواية جورج اورويل الشهيرة “1984”، والخطاب الذي يتم ترويجه اليوم من “بياعيها”،المكشوفين والمقنعين، ومتملقيها والمرتعدة فرائصهم من انتقامها، الذي ذهب ضحيته من ذهب في صمت، وحده يشعر اي ملاحظ نبيه، وحتى مصطل، اننا خرجنا “بيست” وان الدستور والقوانين الجديدة، بمكاسبها النظرية، مجرد زينة خارجية وان الاتجاه، كما يتبين والى ان يتاكد العكس، هو الى التراجعات والتنميط والراي الواحد والخضوع الجماعي للمسيطرين على الثروة والسلطة الذين لا يابهون لهذا الصوت او ذاك من الاصوات النشاز القابلة للمحاصرة بالاساليب الرديئة وغير المناسبة لبشرية تنتمي لهذا العصر.
لكن ماذا لو ترك المغاربة غدا صناديق الاقتراع فارغة وتركوا لهم اخنوشهم ومن معه؟ وماذا لو وجد المغاربة ان الموس وصل الى العظم وان الوعود الرسمية وعودا عرقوبية وان تردي معيشتهم يقابله تضخم ارباح الابناك وما يتصل بها والشركات الاحتكارية والاوليغارشية، وان الاصلاح لم يعد ممكنا مادام هناك من يرى ان المغاربة في حاجة اليه او يستحقونه؟ وماذا لو تغير المزاج العام فجاة تحت تاثير مختلف الضغوط، وهذا وارد وحصل في اكثر من مكان في العالم، و قرر المغاربة القطع مع السلبية والخضوع، هل هناك من يرى ابعد من اللحظة ومن ارنبة الانف وسط هؤلاء الذين يبدون فرحين باخضاع الجميع وتسخير اعلام بليد للترويج لاسطوانة اكد التاريخ البشري انها لا تصلح للسماع من طرف متحضرين ومتدوقين لما هو رفيع ولما يرتقي بالدوق والعقل والوجدان؟

والمقنعين

محمد نجيب كومينة