آخر الأخبار

معاناة مرضى القصور الكلوي بمراكش

علمت ” مراكش اليوم ” أن تكاليف مالية مرتفعة وشروط قاسية جديدة جرى فرضها على مرضى القصور الكلوي بمراكش مقابل الاستفادة من مركز تصفية الدم بمقاطعة “سيدي يوسف بنعلي”، فقد أصبحوا ملزمين بأداء 100 درهم لفائدة المؤسسة المشرفة على تسيير المركز المذكور، فضلا عن تحمّل تكاليف جميع المصاريف المصاحبة لعملية لغسلي الكلى والمتمثلة في تحاقن الدم، شراء الأدوية الموازي، وإجراء التحاليل المخبرية والصور بالأشعة.

وأفاد مصدر مطلع ، أن مؤسسة “أمل” لمساعدة مرضى القصور الكلوي، التي تتولى تدبير المركز، طالبت أخيرا ،المرضى بضرورة بتعبئة التزامات والتوقيع عليها، التي نصّت على التكاليف المالية السابقة، ناهيك عن شروط قاسية من قبيل إخلاء مسؤولية المركز وتنازلهم عن متابعته قضائيا في حالة توقفه عن أداء خدماته الصحية، وهي الشروط التي فرضت المؤسسة على المرضى الإذعان إليها تحت طائلة التهديد بطردهم وحرمانهم من العلاج.

هذا وطالب طالب فرع “المنارة” للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسحب هذه الالتزامات، واصفا إياها بـ”عقود إذعان”، ومعتبرا، في رسالة وجّهها، الفرع الحقوقي، إلى كل من والي جهة مراكش ـ آسفي/عامل عمالة مراكش، رئيس مجلس الجهة، وعمدة المدينة، أنها تشكل في حالة تطبيقها  تهديدا لصحة وسلامة  المرضى وقدسية الحق في الحياة، على اعتبار بأن المستفيدين من حصص تصفية الدم ينحدرون من الفئات الاجتماعية الهشة غير القادرة على تحمّل أية تكاليف إضافية، خاصة وأن المرض استنزفهم  صحيا وماليا.

وتأسفت الرسالة على تخلي وزارة الصحة عن مهامها في توفير العلاج وصيانة حق المرضى، خاصة الذين يعانون من أمراض مزمنة ولا يتوفرون على تغطية صحية واجتماعية، مطالبة الجهات المسؤولة بالتدخل لضمان الحق في الصحة والولوج للعلاج بالنسبة لمرضى القصور الكلوي في مراكش، وبمقاطعة “سيدي يوسف بنعلي” تحديدا، ورفع كافة العراقيل التي تعيق حق المرضى في العلاج.

هذا، وسبق لمجموعة من مرضى القصور الكلوي أن نظموا وقفة احتجاجية أمام مستشفى “ابن زهر” بمراكش، أواخر السنة المنصرمة، تنديدا بحرمانهم من العلاج، بسبب الأعطاب التقنية المتكررة لآلات تصفية الدم، ليدخل فرع “المنارة” للجمعية المغربية لحقوق الإنسان على الخط ويصدر بيانا، أوضح فيه بأن المرضى المحتجين يؤكدون بأنه، ورغم الإصلاحات المتكررة، فإن أجهزة تصفية الدم تبقى دائما معطلة بسبب تجاوز عمرها لأكثر من 11 سنة، كاشفين بأنهم تلقوا وعودا من المديرية  الجهوية  لوزارة الصحة، التي عقدوا مع المسؤولين بها لقاءً، بتاريخ 29 أكتوبر من سنة 2019،بأن المستشفى سيتوصل بـ 7 أجهزة جديدة لتصفية الدم وعدد من الأسرّة، بداية دجنبر من السنة نفسها.

وطالبت الجمعية بتحمّل الدولة لمسؤوليتها في توفير الخدمات الصحية لمرضى القصور الكلوي مجانا، خاصة بالنسبة إلى حاملي بطاقات نظام المساعدة الطبية “راميد” والفئات الهشة والفقيرة، ووقف معاناتهم والتسريع بتسهيل الاستفادة من حصص تصفية الدم بالنسبة للمسجلات والمسجلين في لائحة الانتظار الطويلة. واستنكر البيان بشدة ما وصفه بـ”التماطل والتنصل من تقديم خدمات صحية جيدة ومتواترة وشاملة لمرضى القصور الكلوي”، داعيا إلى الحد من معاناتهم بتوفير قاعات لتصفية  الدم تستجيب للشروط والمواصفات  المعمول بها من نظافة و تهوية وأسرّة طبية وأغطية نظيفة و مراحيض، فضلا عن توفير الأطر الطبية والأطر المساعدة لتشغيل مراكز أخرى قادرة على استيعاب المواطنين والمواطنات الذين يعانون من هذا المرض المزمن.  مرضى القصور الكلوي بالمدن المجاورة ليسوا أفضل حالا، فلقد سبق للعشرات من المرضى بابن جرير أن نظموا وقفة احتجاجية، نددوا فيها بخضوعهم لحصص تصفية الدم بدون إجراء التحاليل الطبية، خاصة المتعلقة منها بفقدان المناعة المكتسبة “السيدا”، والالتهاب الكبدي الوبائي “سي”، وبدون أن يخضعوا لفحص القلب بالموجات الصوتية، ناهيك عن عدم استفادتهم من الأدوية، معتبرين بأن توقف التحاليل والفحوصات الطبية لا يهدد، فقط، بانتقال الأمراض الخطيرة المعدية إلى المرضى بل إلى العاملين بالمركز.

كما سبق للجمعية الحقوقية ذاتها أن وجّهت شكايتين إلى كل من رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، ووزير الصحة السابق، أنس الدكالي، لفتت فيها الانتباه إلى الأوضاع الصحية المأساوية للعديد من المواطنات والمواطنين من مرضى القصور الكلوي بمراكش ونواحيها، الذين أوضحت بأن العديد منهم توفوا بسبب عدم إمكانية مواصلة العلاج، فيما اضطر آخرون إلى بيع كل ما بحوزتهم لتأمين العلاج بالمصحات الخاصة. واستنكرت الجمعية ما اعتبرته “عجزا وتملصا من طرف وزارة الصحة في تأمين إجراء حصص تصفية الدم في مؤسساتها الاستشفائية”، مضيفة بأن الوزارة المذكورة “تنازلت عن مهامها وأوكلتها لمراكز تصفية الدم”، التي تسيرها جمعيات، وتقول الشكايتان بأن مقراتها تم تمويل تشييدها من ميزانية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كما تستفيد من دعم مالي من الجماعات الترابية.

وطالبت الجمعية الجهات المعنية بالتدخل الفوري لتمكين مرضى القصور الكلوي بمراكش وشيشاوة والحوز والرحامنة، وغيرها من مدن وجماعات الجهة، من حقهم في العلاج وإجراء حصص غسيل الكلي، بدون تأخير، حفاظا على حياتهم وضمانا لحقهم في الحياة والعيش، كما طالبت بالإسراع في توفير الأطر الطبية والممرضين المؤهلين،وفتح أبواب بعض المراكز المغلقة، رغم توفرها على التجهيزات الطبية، وإحداث مراكز أخرى  قادرة على استيعاب المواطنات والمواطنين الذين يعانون من هذا المرض.

وشددت الجمعية على ضرورة تفعيل نظام المساعدة الطبية بما يضمن استفادة حاملي بطاقاته من حقهم الدستوري المشروع، المتمثل في العلاج والرعاية الصحية، وبما يصون كرامتهم الإنسانية ويخفف من معاناتهم ويضع حدا لإقصائهم الاجتماعي، معتبرة بأن الحق في الصحة يستلزم استفادة كل المواطنات والمواطنين من الخدمات الصحية ورفع جميع العراقيل ضد تمتعهم بهذا الحق المقدس، خالصة إلى أن ضمان الحق في الصحة والعلاج والتغطية الصحية من مسؤولية الدولة تنفيذا لتعهداتها والتزاماتها الدولية.