آخر الأخبار

وضعية السجون المغربية

جاء في رسالة مفتوحة، من المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، إلى رئيس الحكومة حول ” الوضع الوبائي لفيروس كوفيد 19 داخل السجون ” أنه مع توسع دائرة الاصابات لتشمل وحدات سجينة جديدة، يتابع المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بقلق بالغ الوضع الوبائي لفيروس كوفيد19 داخل السجون، خاصة مع تسجيل أعداد كبيرة من المصابين في صفوف السجناء والموظفين، والتي وصلت إلى حد تشكل بؤرة خطيرة بسجن ورزازات على سبيل المثال، جعلت المدينة ــ التي كانت آمنة وتسيطر على الوباء ــ تتحول إلى مدينة في مصاف المدن الأكثر إصابة بالوباء، بسبب تعرض حوالي 243  سجين، و63  موظفا للعدوى، إضافة إلى العديد من المواطنات والمواطنين من مخالطي الموظفين خصوصا عائلاتهم. كما أن الإفراج عن بعض السجناء دون إخضاعهم للتحليلات المخبرية ووضعهم تحت الحجر الصحي، ساهم في نقل الوباء إلى مدينة زاكورة وتنغير وأيضا لأحد الدواوير قرب بني ملال.

وأضافت الرسالة ذاتها، أنه ” حسب المعطيات المتوفرة فإن استهتار مسؤول سجن ورززات بالضوابط الاحترازية وعدم إعماله لإجراءات الحجر الصحي وخرق شروط الوقاية، شكل العامل الأساس لانتقال الوباء إلى السجن، حيث انتقل من المدير الذي كان في تنقل خارج الجهة، إلى الموظفين في فوجين، لتستمر سلسلة الانتقال لتطال العمال المكلفين بالتغذية، فالسجناء. فمن المؤسف عدم أخذ تصريحات وشكاية الموظف الراحل ” ع ن” محمل الجد لما أشعر الإدارة بأعراض المرض دون أن يلقى إشعاره تفاعلا إيجابيا، إلى أن استفحلت حالته وسقط من شدة المرض ونقل آنذاك للمستشفى في حالة متقدمة من الإصابة على ما يبدو، حيث توفي.
وقالت الرسالة، إن الاستهانة بخطورة الوضع، وعدم التقيد بتوجيهات منظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية الوطنية، وتغييب أوضاع هذه الفئة الهشة من خطط مواجهة الوباء، رغم تنبيهات المفوضية السامية لحقوق الانسان، التي حثت الحكومات على الاهتمام بالقابعين خلف القضبان خلال جهود التصدي لوباء كورونا،  إضافة إلى عدم الالتفات إلى الواقع المزرى للسجون باعتبارها أماكن مغلقة يصعب فيها التباعد الاجتماعي والعزل الشخصي بسبب الاكتظاظ، هو ما سهل تسرب الوباء إلى السجون وتحول بعضها إلى بؤر له، مما جعل شبح الموت يحدق بالعديد من نزلائها، وجعل العائلات ينتابها الخوف والهلع، خاصة أمام شح المعلومات ومنع الزيارات، وتقليص أو انعدام الاتصالات الهاتفية بين السجناء وعائلاتهم.
وأكدت الرسالة نفظها، ” لقد سجلنا، السيد رئيس الحكومة، أنه مع إعلان سجن ورززات بؤرة للوباء ارتفعت من داخل السجن أصوات تحمل تظلمات وشكايات حول ظروف الاعتقال الصعبة والإهمال، مطالبة بتحسين شروط العلاج الذي يتلقاه السجناء داخل فضاء السجن والذي يتم في أجواء غير سليمة، لكن عوض النظر في تظلمات السجناء تم تعريض بعضهم للمعاملة القاسية والمهينة والحاطة بالكرامة. كما سجلنا تذمر أمهات وزوجات من أمام سجن طنجة1، واحتجاجهن الذي قاد لتوقيفهن لمجرد مطالبتهن بمعرفة أحوال أبنائهن بعد الكشف عن إصابات وسط السجناء والموظفين، والتي وصلت إلى 60 إصابة في صفوف السجناء، وهي اصابات لا زالت تتواتر باستمرار ودائرتها تتسع في صفوف الموظفين والسجناء في بعض السجون.
السيد رئيس الحكومة، لا نحتاج أن نعرض عليكم الآن واقع السجون، لأن تقارير المنظمات الحقوقية وثقته وفصلت فيه مرارا، لكن نود إثارة انتباهكم الى معطى جديد  وصادم حول مدى الانتهاك الصارخ للحق في الرعاية الصحية للسجناء خاصة الذين يعانون من الاصابة حيث تقدم لهم العلاجات التي من المفروض ان تكون في مستشفيات متخصصة ومؤهلة بغرف السجن الضيقة التي تفتقد لأدنى شروط الرعاية والسلامة الصحية مما زاد في معاناتهم، وما يؤكد هذا الاستهتار والاستهانة بصحة وحياة السجناء ما أثير في تصريح لطبيبة أسنان على أنه تم الترخيص لأشخاص بعلاج السجناء داخل بعض السجون، وهم لا يتوفرون على المؤهلات العلمية ولا على الكفاءة المطلوبة للقيام بمهنة الطب التي ينظمها القانون،  مما يدل على أن حق السجين في الرعاية الطبية كما هو منصوص عليه في القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء غير مصان، بل إن ما تم التصريح به يعرض صحة وحياة السجناء للخطر مما يشكل فعلا خطيرا لا يمكن السكوت عنه.
السيد رئيس الحكومة، نكاتبكم اليوم لتتحملوا مسؤولياتكم وفق ما تتوفرون عليه من صلاحيات في تدبير الشأن العام، ونأمل أن تحظى رسالتنا باهتمامكم وأن تتعاطوا بجدية مع مطلبنا لتفادي تعميق أزمة تدبير السجون وتعريض السجناء والموظفين وعائلاتهم للمزيد من المعاناة، ونطالبكم ب :
فتح تحقيق فوري ونزيه لتحديد المسؤوليات بشأن الانتشار الواسع للفيروس في عدد من السجون وخاصة التي شكلت بؤرا، وترتيب الجزاءات القانونية، وإخضاع كل من ثبتت مسؤوليته عن هذا الوضع بشكل مباشر أو غير مباشر، للمساءلة طبقا لما يجيزه القانون.
– التدخل الفوري لضمان الإنصات لنداءات وشكاوي وتظلمات السجناء خاصة بسجن ورززات، عوض تعريضهم للعقاب الانتقامي وسوء المعاملة والإهانات، ووقف كل التعسفات والممارسات المخلة بالقانون ضد السجناء ومحاسبة المسؤولين عنها.

– فتح تحقيق حول حقيقة الترخيص لحرفيين بعيدين عن مهنة الطب للولوج للسجون بهدف مزاولة مهنة الطب وعلاج السجناء، مما يشكل خطرا وتهديدا لصحتهم وسلامتهم.
كما نثير انتباهكم، باعتبار مسؤوليتكم النابعة من كون الإدارة المشرفة على قطاع السجون مكلفة “بإعداد وتنفيذ سياسة الحكومة المتعلقة بسلامة السجناء والأشخاص والمباني والمنشآت المخصصة للسجون”، الى إعطاء الأولوية الفائقة  لوقف كل ما يتهدد أو قد يمس بصحة وحياة السجناء وموظفات وموظفي السجون، والتعجيل باتخاذ التدابير والإجراءات المستعجلة والسريعة والفعالة لتوقيف زحف الوباء على السجون والحد من خطره، وتمكين السجناء من حقهم في العلاج وفق الشروط الطبية المعمول بها ودون انتقاص أو وصم، وأن تسند المهمة في ذلك لذوي الاختصاص المهني الطبي، مع ما يتطلب ذلك من توفير للأطر الصحية المؤهلة، وتمكينها من كل مستلزمات العمل، والتكفل بالمصابين في أماكن آمنة تحترم كل الضوابط الطبية وشروط النظافة والسلامة، وضمان مستوى لائق للتغدية، و صون الكرامة الإنسانية للسجناء المصابين.
ولا يفوتنا، السيد رئيس الحكومة، أن  نذكركم  بتوجيهات المفوضية السامية لحقوق الانسان، والأمين العام للأمم المتحدة ومطالب المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية الداعية الى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، واتخاذ إجراءات للحيلولة دون المس بصحة السجناء والموظفين، عبر تخفيض عدد السجناء لتقليص الاكتظاظ، والتخفيض من حدة الاعتقال الاحتياطي، واتباع عقوبات بديلة عن الحرمان من الحرية، وعدم اللجوء إلى الاعتقال ضد مخالفي قانون الطوارئ الصحية، إضافة إلى الرفع من القدرات الصحية والوقائية للحفاظ على سلامة وصحة السجناء والموظفين والعمال داخل السجون وتكثيف إجراء التحليلات المخبرية سواء للذين سيغادرون السجن،أو لمن سيلجونه.
واذ نستشعر خطورة الظرفية وما قد تثيره من توجسات وخوف في صفوف السجناء وعائلاتهم، فالمرحلة تقتضي انسياب المعلومة بشكل كافي وتمتيع السجناء من الاتصال مع عائلاتهم وذويهم للاطمئنان، وهذا ما يستوجب تمكين السجناء من إمكانيات الاتصال و توفير شروط آمنة للزيارات ـ التي تبقى حقا للسجين ولذويه ـ والرفع من مدة التواصل عبر الهاتف.
وفي انتظار اتخاذ المتعين، تفضلوا السيد رئيس الحكومة بقبول عبارات مشاعرنا الصادقة.