آخر الأخبار

تصريح الجمعية المغربية لحق ق الإنسان بمناسبة العيد الأممي

تحت شعار: ” لنتعبأ جميعا من أجل ضمان الحقوق الشغلية، وتوفير الحماية الكاملة من الإصابة بالوباء في أماكن العمل”

 

يحل العيد الأممي للعمال، فاتح ماي 2020، هذه السنة، في لحظة تواجه فيها الإنسانية قاطبة، وفي طليعتها الطبقة العاملة وعموم الشغالين، تحدي جائحة فيروس “كوفيد-19″، التي ألزمت معظم الدول بفرض الحجر الصحي، كليا أو جزئيا، على شعوبها، وسد الحدود في وجه بعضها البعض، ووقف الأنشطة الاقتصادية بجل القطاعات؛ وهو الأمر الذي يحول، في ظل هذه الظرفية الاستثنائية، دون احياء هذا اليوم بالشكل الذي اعتادته الطبقة العاملة واطاراتها النقابية المناضلة، والقوى الديمقراطية المساندة لها.

وفي هذا السياق فإن الجمعية اختارت، كما هو دأبها، أن تحيي هذا اليوم تحت شعار: ” لنتعبأ جميعا من أجل ضمان الحقوق الشغلية، وتوفير الحماية الكاملة من الإصابة بالوباء في أماكن العمل“؛ لتوجيه الاهتمام ولفت الانتباه إلى التهديدات المتعددة، التي باتت تتربص بالطبقة العاملة وسائر المأجورين والمستخدمين. وهي التهديدات المتمثلة، من جهة، في المخاطر المترتبة عن اغلاق المؤسسات والوحدات الإنتاجية والخدماتية، وتعطيل العمل في الأوراش بمختلف أصنافها؛ الشيء الذي أدى وسيؤدي إلى تسريح ملايين العاملين والعاملات بها عبر العالم، والحكم على أغلبهم بالبطالة والحرمان من حقوقهم ومكتسباتهم، وسيتركهم فريسة بيد الرأسمالية المتوحشة، التي تتغذى على الأزمات ولا تنتعش إلا بالكوارث. هذا فيما يجري، من جهة أخرى، التضحية بالحق في الصحة والسلامة البدنية للجزء الآخر من الطبقة العاملة والمأجورين، الذين أجبروا على مواصلة العمل في سلاسل الإنتاج غير الحيوية، أو بالمصالح والخدمات الاجتماعية الضرورية، في غياب كامل أو غير كاف للتدابير والإجراءات الاحترازية اللازمة للحماية من التعرض للإصابة بوباء كورونا القاتل، والحد من انتقاله وتفشيه بين العاملات والعمال أو الموظفين والموظفات؛ كما هو حادث الآن بالعديد من المصانع بالدار البيضاء وطنجة والقنيطرة، خاصة تلك التي تشغل أعدادا كبيرة من النساء، أو حسب ما تم تسجيله ببعض السجون من إصابات مرتفعة بين العاملين بها والمقيمين فيها.

إن الجمعية إذ تخلد فاتح ماي 2020 العيد الأممي للشغل تحت شعار” لنتعبأ جميعا من أجل ضمان الحقوق الشغلية، وتوفير الحماية الكاملة من الإصابة بالوباء في أماكن العمل “، فإنها تدعو الدولة إلى تحمل مسؤوليتها الكاملة في ضمان احترام شروط الصحة والسلامة المرتبطة بالوقاية من فيروس “كوفيد-19” في أماكن العمل التي لا غنى عن استمرارها لتحقيق الصالح العام، وعدم اجبار العمال والعاملات بالعمل في غيرها، مع ضمان جميع حقوقهم، وعلى رأسها الحق في التعويض عن التوقف أو فقدان العمل؛  كما تطالبها بحماية الموظفين والموظفات المتواجدين في الصفوف الأمامية لوقف زحف هذه الجائحة، على حساب أمنهم الصحي وراحتهم الجسدية والنفسية.

وبهذه المناسبة فإن الجمعية تجدد تأكيدها على أهمية العمل الوحدوي للنقابات العمالية المناضلة، والتنسيقيات الفئوية، والحركات الاجتماعية وسائر القوى المدافعة عن الحقوق الشغلية، من أجل التصدي الحازم لما سيسفر عنه الوضع الاقتصادي والاجتماعي الناجم عن الأضرار البليغة المتخلفة عن الوباء، والتي ستلقي الرأسمالية النيوليبرالية بكل ثقلها لتحميل عبئها وتكلفتها للشعوب بصفة عامة، وللطبقة العاملة بصورة مباشرة. كما لا يفوتها أن تنوه، مرة أخرى، بنشاط ومواقف شبكة تقاطع للحقوق الشغلية بروافدها المحلية والوطنية والقطاعية، كإحدى لبنات الجبهة النقابية والاجتماعية التي تطمح لبنائها مختلف مكونات الحركة النقابية والحقوقية والسياسية والمدنية؛ وتدعو لاتخاذ المبادرات الكفيلة بتأسيس شبكات التضامن من أجل الحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية بمختلف المناطق، باعتبارها من آليات التصدي الجماعي للقمع السياسي والقهر الاجتماعي، ومن أدوات النضال الوحدوي من أجل فرض احترام الحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية التي تضمنها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

والجمعية وهي تطمح إلى تجسير العلاقات بين الحركة النقابية العمالية والحركة الحقوقية وحركة المعطلين وعموم الحراكات الاجتماعية الناهضة محليا ووطنيا، التي تغرف من معين الرصيد الكفاحي لحركة 20 فبراير؛ وذلك دفاعا عن الحقوق الشغلية وتعزيزا للنضال من أجل الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية وكافة حقوق الإنسان؛ فإنها تطالب بالإفراج الفوري عن معتقلي الحراك الشعبي في الريف، وغيرهم من معتقلي الرأي والصحافة والمعتقلين السياسيين، واسقاط المتابعات وإلغاء المحاكمات الجارية في حق النشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي، وبالحركة الحقوقية والاجتماعية، وكل الذين اعتقلوا في إطار خرق إجراءات الحجر الصحي.

وانطلاقا من رصدها للحالة التي توجد عليها أوضاع الحقوق الشغلية ببلادنا، إن على مستوى التشريع أو على صعيد الواقع، فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تسجل ما يلي:

فيما يخص التصديق على النصوص الدولية المتعلقة بالحقوق الشغلية: لم يصدق المغرب، لحد الآن، سوى على أقل من الثلث من ضمن حوالي 190 اتفاقية شغل دولية، صادرة عن منظمة العمل الدولية. وبهذا الخصوص تلح الجمعية على وجوب تصديق بلادنا على مجمل هذه الاتفاقيات الجاري العمل بها؛ بدءا بالتصديق الفوري على الاتفاقية رقم 87 حول “الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي”، التي التزمت الحكومة، في إطار الحوار الاجتماعي، بالمصادقة عليها، يوم 26 أبريل 2011، مستغربة من كون اتفاق، يوم 25 أبريل 2019، الجديد جاء خاليا من أي ذكر للمصادقة عليها.

بالنسبة لقوانين الشغل ببلادنا، تسجل الجمعية أن مقتضيات الدستور المتعلقة بالحقوق الشغلية تظل ضعيفة، وأن مدونة الشغل، والمراسيم التطبيقية المرتبطة بها، رغم تضمنها لعدد من المكتسبات الجزئية، تشوبها سلبيات كبرى على مستوى المقتضيات المتعلقة؛ سواء باستقرار العمل، أو بالأجور، أو بمكانة ودور النقابة داخل المقاولة، أو عبر تكريسها للحيف ضد العمال الزراعيين؛ هذا علاوة على أن الإجراءات الزجرية المعتمدة فيها غير كافية للحد من انتهاكات المشغلين لقوانين الشغل.

وإذ تثير الجمعية الانتباه إلى المحاولات الجارية لتعديل مدونة الشغل، في اتجاه تكريس المزيد من هشاشة الشغل، من خلال التراجع عن آخر ضمانات استقرار العمل (المادة 16 وغيرها)؛ فإنها تعبر عن استنكارها لصمت الحكومة، وانحياز السلطات المحلية والقضاء إلى جانب المشغلين، الذين يمارسون انتهاكات صارخة لمقتضيات المدونة، مع ما ينتج عنها من تدهور كبير للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للعمال والعاملات وأسرهم. لذلك تدعو الجمعية إلى ملاءمة مدونة الشغل وباقي التشريعات الاجتماعية مع المعايير الدولية للشغل الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية؛ وفي نفس الوقت تنادي بإقرار دستور ديمقراطي، يضمن حقوق الانسان بصفة عامة، والحقوق الأساسية للعمال بصفة خاصة، ويرسي آليات إعمالها، وينص على دور الدولة كضامن لهذه الحقوق.

كما تعتبر الجمعية أن الضغط على النفقات والاستثمار العموميين في قوانين المالية، عبر تجميد أجور الموظفين، وتقليص مناصب الشغل المحدثة، والنقص في ميزانيات القطاعات الاجتماعية، مع الرفع من نسبة الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة، ينعكس على الانفاق الأسري وعلى الصفقات العمومية الموجهة للمقاولات الصغرى، وبالتالي يزيد من تعميق البطالة وهشاشة الشغل.

وفيما يرتبط بالإجراءات القانونية المتعلقة بالحريات النقابية، فإن الجمعية تجدد مطلبها بإدماج مقتضيات اتفاقية الشغل الدولية رقم 135 حول توفير الحماية والتسهيلات لممثلي العمال بشكل جدي في مدونة الشغل. وتطالب بإلغاء كل المقتضيات المعرقلة للحق في الإضراب وللحريات النقابية، وفي مقدمتها الفصل 288 من القانون الجنائي، والتي تم الاحتفاظ به في مسودة مشروع القانون الجنائي، والفصل الخامس من مرسوم 5 فبراير 1958 بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي، كما تطالب بتقوية الضمانات الكفيلة بحماية واحترام الحق في الإضراب معبرة عن رفضها لأي مشروع قانون تنظيمي في الموضوع يستهدف تكبيل هذا الحق.

وفيما يهم واقع الحقوق الشغلية تسجل الجمعية ما يلي:

· إن الحق في العمل، وفي الحماية من البطالة، والتعويض عنها وعن فقدان الشغل، رغم أنها من الحقوق المضمونة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإننا نجدها تنتهك بشكل سافر وباستمرار في بلادنا، التي تضم ملايين المحرومين من العمل القار، بمن فيهم مئات الآلاف من الشباب ذوي المستويات الجامعية والحاملين للشهادات التقنية والهندسية، ولشهادات الإجازة والماستر والدكتوراه وغيرها من الشهادات العليا.

وبهذه المناسبة تعبر الجمعية عن تضامنها التام مع كل فئات المعطلين في نضالهم المشروع من أجل الحق في الشغل، وتطالب الحكومة بوضع سياسة اقتصادية واجتماعية تضمن الشغل والكرامة للجميع، وبالاعتراف القانوني الصريح بالجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، ونهج أسلوب الحوار الجاد والمسؤول معها ومع سائر هيئات المعطلين/ت، بدل قمع مسؤوليها ومناضليها وتلفيق التهم لهم والزج بهم في السجن. كما تطالب باحترام حق الاستقرار في العمل بالنسبة لسائر الأجراء، وبإرجاع العاملات والعمال المطرودين، ضدا على الحق والقانون، إلى عملهم، وفي مقدمتهم ضحايا الاعتداء على الحريات النقابية.

وتجدد الجمعية تضامنها مع الآلاف من عضوات وأعضاء “التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد”، والذين يخوضون معارك قاسية من أجل الادماج في أسلاك الوظيفة العمومية، وتدين مختلف أشكال القمع التي يتعرضون له؛ سواء أثناء تنظيم مسيراتهم السلمية أو من خلال الاجراءات الادارية التعسفية وتوقيف الأجور…؛ وتطالب الحكومة  بالإسراع بالتفاوض مع ممثلي هؤلاء الاساتذة والأستاذات، وبتحسين الأوضاع المادية وظروف العمل لكافة أسرة التعليم، تماشيا مع توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية لسنة 1966، المتعلقة بأوضاع المدرسين؛ وذلك بما يضمن حقوقهم وحقوق التلاميذ في تعليم عمومي جيد.

· وبشأن الحريات والحقوق النقابية، تسجل الجمعية استمرار وتصاعد الخروقات السافرة في هذا المجال، والمتجسدة أساسا في الاقتطاع من أجور الموظفين/ات المضربين عن العمل، وفي الممارسات التعسفية ضد النقابيين، وفي امتناع السلطات المحلية عن استلام الملفات القانونية أو رفض تسليم وصول الايداع للعديد من النقابات العمالية، ورفض الاعتراف بالمكاتب النقابية والحوار معها من طرف المشغلين، وطرد المسؤولين النقابيين والعمال والعاملات المضربين، بل واعتقالهم ومحاكمتهم في العديد من الحالات، وإغلاق المعامل خارج إطار القانون للتخويف من العمل النقابي.

كما تسجل الجمعية غياب تفاوض جماعي في أغلب المقاولات والقطاعات، كون الحوار الاجتماعي ظل شكليا وعقيما، بينما ظلت العديد من الالتزامات السابقة، بما فيها المتضمنة في اتفاق 26 أبريل 2011 بين الحكومة وممثلي المركزيات النقابية والمشغلين دون تنفيذ، ولم تعرف العديد من المطالب المشروعة للأجراء والأجيرات الاستجابة المطلوبة.

وبالمقابل فإن الحكومة سارعت، إلى اتخاذ القرار بتجميد الترقية والتوظيف في القطاع العمومي، والأمر بالاقتطاع من أجور الموظفات والموظفين لفائدة “صندوق كوفيد-19″، بكيفية اجبارية وتمييزية، وفي تعارض تام مع أحكام الدستور، التي تقضي بتحمل الجميع، وليس فئة دون غيرها، بكيفية تضامنية وبما يتناسب مع ما يتوفرون عليه من وسائل، الأعباء والتكاليف الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية (الفصل 40). لذا تطالب الجمعية الحكومة بالتراجع عن هذا القرار التمييزي والجبري الماس بالطابع التطوعي للمساهمة في صندوق كوفيد19؛

· وفيما يتصل بالحق في الأجر العادل والمرضي، الذي يكفل للفرد وأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان، تسجل الجمعية أن الحد الأدنى للأجور علاوة على تعدد مستوياته، فهو لا يضمن بتاتا الحياة الكريمة؛ ناهيك عن عدم تطبيقه بالنسبة لأغلبية المؤسسات الصناعية والتجارية والفلاحية والخدماتية، بما فيها المتعاقدة مع بعض الإدارات والمؤسسات العمومية. ولقد سبق للجمعية أن سجلت إيجابية التزام الحكومة في إطار اتفاق 26 أبريل 2011 بتوحيد الحد الأدنى للأجور في الفلاحة والصناعة في ظرف 3 سنوات، إلا أنها أخلت بهذا الالتزام لحد الان.

والجمعية إذ تسجل إبرام اتفاق جماعي جديد يوم 25 أبريل 2019، بعد ثمان سنوات من الانتظار، تعتبر أن الزيادة المعلنة في الأجور، تبقى قاصرة عن تحقيق العيش الكريم للأجراء ولعائلاتهم. وتأسف الجمعية لكون الاتفاق المذكور يتضمن تراجعا عن التزام الحكومة بتوحيد الحد الأدنى للأجور في القطاعين الصناعي والفلاحي.

كما تسجل الجمعية أن الزيادات المتتالية في أثمان المواد والخدمات الأساسية والمخططات الهادفة إلى تصفية صندوق المقاصة تؤدي بدورها إلى تردي الأوضاع المعيشية للأجراء وباقي المواطنات والموطنين. وبهذه المناسبة تؤكد الجمعية دعمها لنضالات المواطنات والمواطنين لمواجهة ارتفاع الأثمان ــ في ظل جمود الأجور والمداخيل ــ وللدفاع عن الخدمات العمومية وعن سائر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

كما تستنكر الجمعية تنامي حوادث السير المميتة، التي يذهب ضحيتها العديد من العمال بين قتلى ومعطوبين نتيجة نقلهم الجماعي، على مرأى من السلطات، إلى المعامل والضيعات في شاحنات وعربات، خاصة بنقل البهائم والبضائع، تفتقر لأبسط شروط السلامة؛ وتطالب بالإسراع بفتح تحقيق شامل، بمشاركة ممثلي العمال، في مثل هذه الحوادث ومتابعة المسؤولين عنها، وإلزام المشغلين بتوفير وسائل نقل تستجيب للمقاييس والمعايير المعمول بها في المجال.

· وبشأن الحقوق العمالية الأخرى، التي أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقيات منظمة العمل الدولية، كالحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي، والحق في الراحة وفي أوقات الفراغ، والحق في تحديد معقول لساعات العمل، وعطل دورية مؤدى عنها، وظروف عمل مأمونة وصحية، وحق كل إنسان في الضمان الاجتماعي، وبشكل خاص حقه في الصحة وفي تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة، وحقوق المرأة العاملة وحقوق الأطفال وحقوق اليافعين المجبرين على العمل، فهي الأخرى تعرف انتهاكات متعددة من طرف المشغلين والدولة، خصوصا في ظل الخصاص في الموارد البشرية والمادية لمفتشيات الشغل وتجميد الآليات القانونية لحل نزاعات الشغل وضمنها اللجان الاقليمية للبحث والمصالحة.

وتسجل الجمعية استمرارعدم تكافؤ أجر العاملات في بعض القطاعات مع أجور العمال، ناهيك على تعرضهن للاستغلال في شروط لا إنسانية. كما أن استمرار تشغيل الأطفال في سن مبكر ــ 16 و17 سنة في القانون الجديد المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين- وبشكل خاص بالنسبة للفتيات الصغيرات العاملات في البيوت ــ خلال فترة انتقالية لمدة 5 سنوات من دخول القانون حيز التنفيذ، يشكل إحدى الانتهاكات الخطيرة لحقوق الطفل ببلادنا دون أن تتم متابعة المسؤولين عن هذه الأوضاع، بما فيهم السماسرة والوسطاء.

· ويشكل عدم تطبيق مقتضيات مدونة الشغل، على علاتها، كنتيجة لسياسة الإفلات من العقاب، أبرز انتهاك لحقوق العمال في الفترة الحالية.

إن الحكومة التي اعترفت منذ سنة 2006 بأن قانون الشغل على علاته، لا يطبق إلا في 15% من مؤسسات القطاع الخاص التي يفوق عدد عمالها 50 أجيرا، بدل أن تتخذ الإجراءات القانونية ضد المشغلين الذين لا يحترمون القانون، أصدرت ما سمي بالمخطط الوطني للملاءمة، الذي يدعو صراحة إلى تأجيل تطبيق قانون الشغل بأغلب المقاولات. وحتى بعد انتهاء مدة تطبيق هذا المخطط لازالت مدونة الشغل عرضة للانتهاك بشكل صارخ في أغلب القطاعات، في ظل استمرار الإفلات من العقاب لمنتهكيها. وإن الجمعية التي انتقدت بشدة هذا المخطط تدعو إلى التقيد الصارم بمقتضيات التشريع المحلي للشغل على علاته، وبمعايير الشغل الدولية عموما.

· أما بالنسبة للحق في التغطية الصحية للعمال ولذويهم، فإن الجمعية تسجل الأوضاع المزرية بهذا الخصوص بسبب حرمان جزء كبير من الأجراء والعاملين بالحرف والصناعة التقليدية وبالقطاع غير المهيكل والمعطلين من التغطية وتراجع دور الدولة في مجال الخدمات الصحية والثغرات التي تعتري نظام المساعدة الطبية للفئات المعوزة، وكذا بسبب ما تعرفه التعاضديات من اختلالات وسوء التسيير.

والجمعية إذ تجدد استنكارها لتقاعس الدولة إزاء المسؤولين عن سوء التسيير ونهب الأموال وتبديدها بمؤسسات الإعمال الاجتماعية عموما، تعتبر أن القرار المشترك بين وزير الشغل ووزير الاقتصاد والمالية، بتاريخ 04 أكتوبر 2019، القاضي بإسناد السلطات المخولة للمجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية بالمغرب إلى متصرفين مؤقتين، استجابة لمطالب العديد من النقابات والهيئات المدنية والحقوقية، يتطلب فتح تحقيق شامل في الاختلالات المسجلة بهذه المؤسسة الاجتماعية ومتابعة المتورطين فيها أمام قضاء نزيه. كما يجب الإسراع بوضع الشروط القانونية والإدارية من أجل تسيير ديمقراطي للتعاضدية العامة بمشاركة ممثلي المنخرطين وذوي الحقوق.

· بدوره، يعرف الحق في التقاعد انتهاكات خطيرة بسبب حرمان جزء كبير من الأجراءــ ناهيك عن العاطلين ــ من هذا الحق، إما بسبب عدم التصريح بالعمال في صندوق الضمان الاجتماعي، أو بسبب هزالة معاشات التقاعد، التي تظل جامدة رغم ارتفاع كلفة المعيشة. كما أن بعض صناديق التقاعد ــ وخاصة الصندوق المغربي للتقاعد الذي يهم الموظفين والموظفات ــ تعرف اختلالات كبيرة تهدد مستقبل منخرطيها؛ وترفض الجمعية أن تتم مواجهة تلك الاختلالات على حسابهم ــ من خلال رفع سن التقاعد والزيادة في الاقتطاع من الراتب لأجل التقاعد والنقص في المعاش ــ رغم أن الدولة تتحمل المسؤولية الكبرى فيما آلت اليه وضعية هذه الصناديق.

· وبخصوص القضاء، تسجل الجمعية، استمرار تحيز القضاء في النزاعات المعروضة عليه، سواء من خلال الأحكام القاسية الصادرة ضد العمال والنقابيين، أو من خلال تجميد محاضر المخالفات المرفوعة من مفتشي الشغل ضد المشغلين الذين ينتهكون قانون الشغل أو إصدار أحكام خفيفة ضدهم، لا يتم تنفيذ جزء كبير منها.

كما تطالب الجمعية بالإسراع بتنفيذ آلاف الأحكام الصادرة لفائدة العمال منذ سنوات عديدة. ومن ضمنها حالات المطرودات والمطرودين تعسفا من معامل النسيج بطنجة ومكناس والرباط وسلا وتماره…، ومن المؤسسات السياحية بورزازات ومراكش، وعمال مطاحن الساحل المعتصمون منذ خمس سنوات أمام وزارة العدل بالرباط.

انطلاقا مما سبق، فإن الجمعية تؤكد مطالبتها للسلطات وللمشغلين بالعمل الجاد على إقرار حقوق العمال المتعارف عليها كونيا، دستوريا وتشريعيا وواقعيا، وبالتعامل الإيجابي مع مذكرة الجمعية بشأن المطالب الأساسية الخاصة بالحقوق الشغلية.

كما تعبر الجمعية عن تضامنها مع العمال المهاجرين وكل الأجراء بالمغرب وعبر العالم، الذين يناهضون مختلف أشكال التمييز والاستغلال ويناضلون من أجل احترام حقوقهم الإنسانية، وتحسين أوضاعهم المتردية، ملتزمة بمواصلة مجهوداتها ــ إلى جانب الحركة النقابية العمالية ببلادنا وحركة المعطلين وسائر القوى الديمقراطية المهتمة بالحقوق الشغلية ــ لمؤازرة ضحايا انتهاك الحقوق الشغلية، والعمل على حماية تلك الحقوق والنهوض بها كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان.

· وفي الختام، تؤكد الجمعية عزمها على مواصلة دعمها لكل المطالب الرامية إلى إقرار وتعزيز حقوق العاملات والعمال، ومشاركتها الدؤوبة في كل أشكال النضال الوحدوي، التي تروم اجتثاث الفساد والاستبداد، واستئصال جذور الظلم والقهر، وبناء مجتمع المواطنة، والكرامة، والحرية، والمساواة، والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، الذي تسود فيه كافة حقوق الإنسان.