آخر الأخبار

أدبيات الزاوية النظيفية التيجانية لمحمد الرحماني ـ 2 ـ

والطرق الصوفية ليست فِرقاً إسلامية وليست مذاهب إسلامية، فجميعها تلتزم بأسس بالعقيدة الإسلامية المبيّنة في فقه أحد المذاهب الفقهية، وإنما هي مناهج دينية في التربية والتزكية والسلوك. وبالنسبة للمتصوّفة السالكين، فالطريقة هي التي تقودهم إلى الله تعالى بقطع المنازل والترقّي في المقامات.

وإذا كانت الطريقة القادرية، نسبة إلى الزاهد الفقيه الحنبلي الشيخ عبد القادر الكيلاني المولود في قرية جيلان العراقية قرب بغداد ( 470 ـ 561هـ) هي أشهر الطرق الصوفية في المشرق، فإن التجانية، نسبة إلى الزاهد الفقيه المالكي، أحمد  التجاني، أشهرها في المغرب العربي.

المقاربة التركيبية:

منهجية في النقد الأدبي تتوخّى فهمَ دلالات النص عن طريق دراسة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية خلال الفترة التاريخية التي أُنتج فيها النص، بالإضافة إلى دراسة سيرة صاحب النص وظروفه الشخصية الاجتماعية ـ اقتصاية والثقافية والعقلية والنفسية، دون أن يغفل الناقد السياق البنيوي للنص، فيدرس مكونات النص الصوتية والتركيبية والدلالية والبلاغية، دراسة موضوعية ترمي إلى تفكيك هذه المكوّنات وإدراك دلالاتها في سياق بنية النص الكبرى. فالمقاربة التركيبية، تأخذ بجميع منهجيات النقد المختلفة: المنهج التاريخي، والمنهج النفسي، والمنهج الاجتماعي والمنهج الشكلاني والبنيوي، ويركّب الناقد هذه المنهجيات المختلفة في مقاربة واحدة. فالناقد ينظر إلى الأدب بوصفه عملية اتصال فيتناول كلَّ عناصرها من جميع النواحي: المرسل (الكاتب)، والمستقبِل (المتلقّي)، والرسالة (النص)، والوسيلة (الكتاب، المسرح، المذياع، إلخ.) والتغذية الراجعة (الاستجابة)، والهدف (الغاية)، والتشويش (عوائق الاتصال)، والبيئة (الظروف).

ولهذا كله، فإن قيمة هذا الكتاب تكمن في تلخيصه الجيد للأوضاع السياسية والاجتماعية والدينية في منطقة المغرب العربي من القرن الخامس عشر الميلادي حتى منتصف القرن العشرين وتأثيرها في الطرق الصوفية.

محمد بنشارف الرحماني:

هذا هو اسم مؤلِّف الكتاب. و(بنشارف) لا تعني (ابن شارف). ففي المغرب العربي، إذا كُتِبت منفصلة (ابن شارف) تعني أن اسم ابيه شارف. أما إذا كُتِبت متصلة (بنشارف)، فتعني أن هذا هو لقب العائلة، و”شارف” ليس اسم الأب، فقد يكون اسم أحد الأجداد فاتُخذ لقباً للأولاد والأحفاد. أما (الرحماني) فهو لقب آخر للمؤلف يشير إلى أن أصله من بلدة بنجرير بالرحامنة، وهي بلدة تقع على بُعد 80 كم شمال مدينة مراكش .

ولد المؤلف سنة 1948 في مدينة مراكش وتابع دراسته في الرباط والدار البيضاء حتى نال الإجازة في اللغة العربية وآدابها من جامعة محمد الخامس بالرباط، وحاز دكتوراه السلك الثالث من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، واشتغل أستاذا في التعليم الثانوي وفي مركز تكوين أساتذة التعليم الثانوي في مدينة مراكش. وهو ناشط في مؤسَّسات المجتمع المدني مثل “اتحاد كتاب المغرب الذي ترأس مؤتمره الرابع، ومن مؤسسي ” فضاء ديوان الأدب ” في مدينة مراكش. فهو أديب ناقد معروف.

إهداء الكتاب:

يُهدي المؤلِّف كتابه إلى جدّته لأمه للا فاطمة الزهراء النظيفي. و”لَلّا في اللهجة الدارجة المغربية تعني ” السيدة”. وهذه السيدة هي البنت البكر للعلامة امحمد بن عبدالواحد النظيفي، مؤسّس الزاوية النظيفية التجانية. فمن تقاليد الأسر المغربية أن تُسمّي ابنتها البكر باسم ” فاطمة الزهراء” تيمناً باسم كريمة الرسول (ص). ويقول المؤلِّف في إهدائه:

سلام 

علي كفيلة اليتامى.

على حبيبة الأيامى.

سلام

على سعة القلب.

على المورد العذب.

سلام

على بحر المعارف.

على بيض المواقف…”

د علي القاسمي