حسن الرحيبي
تشتد حرَارة الشمس ، وتتطاير حشرات بوقرّاش بأرجاء الحَصيدة .. بينما يبحث الأطفال عن أعشَاش القوبع وقد انفتحت أفواه صَفراء متراصّة ، معتقدةً أن كل خشخة يعقبها الحُصُول على رزق وَفير من الحشرات والدّيدان ..أطفال آخرون يمطّطون لغمار في أكوَام منتظمة بشكل بديع ، كي يسهل جمعه في الرفدة على ظهور الجمال .. أما نساء السّاحل والتيرس أيضاً وجحَافل أطفالهم فيستعدون لمداهمة الفدان من أجل التقاط السنابل الشاردة هنا وهناك حين ينادي ولد بوعلاَم ، أو الجّيلالي ولد قدّور
وا نوضُوا آللّݣاطات . .يسرعن مع أطفالهن لخطف مَا يمكن خطفه من غمار ، ونتف سنابل لا زالت واقفة ، تحت تحريض أمهاتهم المحنكات بفعل تجارب الزمان القاسية ..
يحس الجميع بالتعب والجُوع والعطش ، فيأخذ الطالوعي في التهلال بأذكار حزينة تقشعر لها الأبدان
هي مالها مَاجابت غذانا
ياكما مسوّطة ولا غضبانة ..
ولازمة الحمامات للهادي بنعيسى
والحمَامَات آ الطوبيات
والطالعات فوݣ النّخلاَت
ويݣولوا وا المولى الروح فنات
والهادي بنعيسى ݣالوا مَات
يسود الصّمت مع الإحساس بالجوع .. ليشرع الحرّار في ترديد أغنية الحدود . . التي غرد بها المغاربة على إثر حرب الصّحرَاء لسنة 1963
وݣالتها زمور مع الجديدة
واخا نهزوا يا اخويا عا حديدة
وعلى الحدود هاها
والحدود ناناناه واتا صُوم وصَللّي
وكلشي من الإله لا غالب سواه
يردّد الجَميع
هاك سواه هالى سواه
يرقصُ الجَميع وتزغرد النساء ..
يطرب سي بُوشعيب الغني الوَقور للأغنية الوَطنية الحماسية .. فيأخذ في التهليل والصّياح وهو يلوح بعصَابته الحريرية البيضَاء النظيفة والوَقورة بل تقريباً مقدّسة :
عَاودها آلحسوَاي
عَاودها آلحسوَاي
يحضُر الحمار محمّلاّ بسطول السميدة المقربسة بالخضَر واللّحم ، فينبري الحصّادة بمحائرهم التقليدية التي يمتشقونها بشكايرهم التقليدية بشكل دائم ، فلن تسمع سوى صَرير الملاعق العملاقة وهي تتعاقب على السطل الحديدي المتين .. فجأة ينط بوقراش ضَخم أمام أحد الحصّادة الأقوياء : مَا كاين عَا اجمع رجليك آبّا
وصَايفطوا
