آخر الأخبار

من مركز التكوين القنسولي إلى ملعب العربي بن مبارك … هل تُحاك المؤامرات في صمت لتفويت المرافق الرياضية بمراكش

لا تزال أصداء الدورة الأخيرة للمجلس الجماعي لمراكش تتردد بقوة في الأوساط الرياضية والشارع المراكشي، بعد أن كشف النقاب عن طلب من الجماعة إلى نادي الكوكب المراكشي للتخلي عن مركز التكوين القنسولي بباب دكالة مقابل منح 20 هكتار من الغابة الحضرية المحاميد لمركز التكوين الجديد .

هذا القرار الذي نوقش الأسبوع الماضي اتناء الدورة الاستثنائية ، أعاد إلى الواجهة أسئلة عميقة حول نوايا المجلس الجماعي إزاء المرافق الرياضية التاريخية للمدينة الحمراء، وخصوصاً تلك التي ما تزال تُمثل رئة حقيقية للتكوين الرياضي ومجالاً حيوياً للتنمية الاجتماعية.

وإذا كان التخلي عن مركز التكوين القنسولي قد نوقش تحت أنظار المجلس وبشكل رسمي، فإن ما وقع في ملعب العربي بن مبارك، الملحق لملعب الحارثي، يبدو أكثر خطورة وتعقيداً، بل وربما يندرج في خانة التمهيد الخفي للاستيلاء العقاري على مرفق رياضي عمومي، من خلال أدوات تقنية وقانونية لا تقل دهاءً.

سيناريو ملعب العربي بن مبارك : تغيير مريب في التنطيق

ففي مشروع تصميم التهيئة القطاعي لمنطقة جليز الشرقي، الذي تم عرضه على العموم خلال مرحلة البحث العلني، كان التنطيق واضحاً : ملعب العربي بن مبارك مصنف كمرفق رياضي، وهو ما ينسجم مع وظيفته ومكانته التاريخية في منظومة التكوين الرياضي المراكشي.

غير أن المفاجأة الكبرى ظهرت عند انتقال المشروع إلى مرحلة المصادقة المركزية، حيث تم تغيير تنطيق هذا العقار من “مرفق رياضي” إلى “منطقة مشاريع حضرية”، وهو ما يعني فتح المجال أمام البناء والأنشطة العقارية والاستثمارية على حساب مرفق عمومي.

هذا التغيير لم تتم مناقشته علنياً في المجلس، ولا يوجد ما يؤكد إدراجه في محضر جلسة المصادقة على التصميم، وهو ما يثير شبهات حقيقية حول من يقف وراء هذا التحول، وما إذا كان الأمر تم بتواطؤ من بعض الجهات داخل الإدارة أو بتأثير من لوبيات العقار التي تُعرف بشهيتها المفتوحة لابتلاع العقارات الجماعية ذات الموقع الاستراتيجي.

صورة تصميم التهيئة القطاعي لجيليز المصادقه عليه،  تنطيق ملعب العربي بنمبارك  ZPU :

( zone de projets urbains )

التحذير من إعادة نفس السيناريو

اليوم، وبعد طلب التخلي عن مركز القنسولي، تعود المخاوف بقوة من أن يكون ملعب العربي بن مبارك هو الحلقة التالية، خصوصاً أن تغيير التنطيق قد تم بالفعل، في غياب أي نقاش مجتمعي أو تبرير رسمي.

فهل نحن أمام نهج متكامل يهدف إلى تصفية المرافق الرياضية في مراكش واحدة تلو الأخرى، عبر صفقات مقنّعة ومذكرات تفاهم غير معلنة ؟
أين هي الشفافية، وأين هو دور الوكالة الحضرية، والسلطة المحلية، والمفتشية العامة للإدارة الترابية في مراقبة هذا النوع من القرارات التي تمس الملك الجماعي والذاكرة الرياضية الجماعية؟

الكرة في ملعب الدولة… قبل فوات الأوان

إن تكرار هذه الوقائع، من القنسولي إلى العربي بن مبارك، ومن ملعب الحارثي إلى مشاريع “الحلول البديلة”، يفرض على الدولة، بكل مؤسساتها الرقابية، أن تتحرك بسرعة من أجل فتح تحقيق نزيه وشامل حول محاولات تفويت العقارات ذات الطابع الرياضي في مراكش، ومحاسبة كل من تورط في تغيير التنطيقات لأغراض لا تمت بصلة للصالح العام.

إن حماية ذاكرة مراكش الرياضية، وضمان حق الأجيال الصاعدة في مرافق تكوين رياضية محترمة، ليست ترفاً بل مسؤولية وطنية.