آخر الأخبار

أحمد الحجامي يستعيد ذكريات 23 مارس ـ 2 ـ

عندما كان اليسار في بداياته الأولى، وهو يحاول أن يفك الحصار المضروب على الحركة التقدمية المغربية في وقت لم يكن هناك صوت يعلو على صوت الصحافة الرسمية، كانت بعض المقالات النادرة تصدر في بعض المجلات التقدمية في الشرق العربي خاصة «الحرية»، مجلة الجناح اليساري لحركة القوميين العرب في بيروت. كانت هذه المقالات تنشر بأسماء مستعارة: «ناوري حسن»(محمد طالب حبيب)، على الحمراوي (المرحوم محمد البردوزي)، كما نشرت «الحرية» سنة 1971 استجوابا حول الوضع في المغرب بعنوان «حوار مع ثوري مغربي» (أحمد حرزني).  نشرت «الحرية» أيضا سنة 1969 مقالا أساسيا بعنوان «موقف الطبقات والأحزاب في المغرب من القضية الفلسطينية» كتبه الفقيد محمد بوعبيد حمامة بإمضاء م.ح.

قبل أن يضطر اليسار الى الأساليب السرية للتعبير عن نفسه، كانت هناك تجربة «أنفاس»  كمجلة ثقافية أولا باللغة الفرنسية التي أسسها سنة 1966 الشاعر عبد اللطيف اللعبي بمعية مصطفى النيسابوري ومحمد خير الدين بدعم من الفنانين التشكيلين أساتذة معهد الفنون الجميلة بالدار البيضاء (بلكاهية، شبعة، المليحي..)، قبل أن تتحول الى مجلة ناطقة بشكل غير رسمي باسم الحركة الماركسية اللينينية بفصيليها إلى أن توقفت عن الصدور بداية 1972 بعد اعتقال اللعبي والسرفاتي والدرقاوي وشبعة..

في عملية الجرد السريع هاته، يجدر التنويه أيضا بمبادرة أخرى ذات دلالة في هذا المجال؛ مجال الدعاية والتحريض المرتبطين بنضال اليسار السبعيني وان لم تكن مرتبطة بالتنظيمين الأساسيين(أ) و(ب). ونقصد بها مبادرة «الوكالة الشعبية للأنباء» التي أسسها جمال بلخضر وأنيس بلفريج «استحقا» عليها، وعلى مناشير حول القضية الفلسطينية، عشر سنوات سجنا في محاكمة 1973.

لكن بين صدور 23 مارس سنة 1975 واليسار في أوجه، وبداية السبعينات واليسار في مهده، وقعت أحداث وتطورات وماجريات لا بد من الرجوع إليها والوقوف عند بعض محطاتها.

في البدء كانت انتفاضة 23 مارس 1965.  سال فيها دم كثير وأريق على جوانبها مداد كثير أيضا لكن يبدو أنها لم تلفظ بعد كل أسرارها. فبعد خمسين سنة ما تزال كتابة التاريخ في بدايتها والقراءات متعددة لماجريات الأحداث بين من يهول من خطورتها ومن يهون من شأنها مثل عبد الله العروي الذي يرى أنها لم تكن بتلك الخطورة التي أضفيت عليها فيما بعد.

وبالنسبة  لما بين أحداث 23 مارس 1965 وما بين اليسار السبعيني من الاتصال، هناك أيضا قراءات لعل أقربها إلى الواقع تلك الخلاصات التي تبنتها منظمة 23 مارس والتي ذكر بها الحبيب طالب في إضاءته، رغم أن البعض يزعم أن وجوده كتنظيم كان سابقا على وجودها بل وساهم في تفجيرها دون أن يفسر لنا لماذا لم يهده وعيه المبكر ذاك إلى الالتحاق بأحد الأحزاب أو التيارات التي كانت تناضل نضالا مريرا في الميدان والتي لم يكن قد صدر بعد في حقها الحكم بالاصلاحية والانتظارية والتحريفية والبلانكية..؟