آخر الأخبار

الـقـراءة الـوجـدانيـة

إدريس بوطور 

كل من يهوى قراءة الشعر والقصيدة ، وابتلي بعشق سماعها عبر أنغام موسيقية وترانيم تأسر العقول وتخترق شغاف القلب والوجدان ، سيتوصل بكل عفوية وتلقائية الى أن الشعر الأصيل لغة واحدة تتجدد اساليبها الخلاقة . لا يمكن لأي شاعر أن يحرز مستوى الابداع الأصيل دون قراءة ما انتجه الشعراء السالفون ،هذه القراءة تتطور الى علاقة وجدانية مشتركة يتم من خلالها تجديد نفس اللوحة الشعرية من شاعر الى آخر بعناصر فنية أبدع وأجمل وأحلى .وسأقتصر عبر سطور هذه التدوينة الوجيزة على ذكر نموذجين اثنين لتتبلور للقارئ فكرة التمازج الوجداني بين الشعراء والمفضي الى الخلق والابداع المتجدد والخالد ، تاركا للمهتم والمولع بعشق الشعر الاصيل تتبع نماذج اخرى لهذا التمازج. في النموذج الاول يقول ابو بكر بن النطاح *( أكذب نفسي عنك في كل ما أرى **وأسمع أذني منك ما ليس تسمع ) . وبعد مرور قرون عن ولادة البيت الشعري السالف جاء الامير عبد الله الفيصل ليقول في قصيدة”ثورة الشك” ( يكذب فيك كل الناس قلبي ** وتسمع فيك كل الناس أذني **وكم طافت علي ظلال شك ** أقضت مضجعي واستعبدتني ** وما انا بالمصدق فيك قولا ** ولكني شقيت لحسن ظني ) . اما النموذج الثاني فهو الذي يقول فيه ابو نواس في آخر ايام عمره مبتهلا الى خالقه ( يا رب قد عظمت ذنوبي كثرة ** ولقد علمت بأن عفوك أعظم ** إن كان لا يرجو عفوك الا مؤمن **فلمن يلوذ ويستغيث المجرم) . وبعد مرور قرون عن ولادة هذين البيتين جاء احمد شوقي في قصيدة نهج البردة ليقول ( إن جل ذنبي عن الغفران لي أمل ** في الله يجعلني في خير معتصم ** ألقي رجائي إذا عز المجير على **مفرج الكرب في الدارين والغمم )