آخر الأخبار

شيفور التراكتور

إدريس المغلشي

اعتلى الامين العام المنصة من جديد بعدما علمنا بخبر وعكته الصحية وتمنينا له بالمناسبة الشفاء العاجل ، فالمؤمن مصاب. بدا رأسه تحت قبعة سوداء ملفوفا بضمادات تعطي انطباعات مختلفة ورسائل كثيرة للمتابعين والمهتمين وكذلك الخصوم والفضوليين ، بعدما أصر على الحضور رغم ظروفه الصحية. الصورة تعطي إشارة عميقة مفادها أن الزعيم الأبدي لايتخلى عن الكرسي والمنصة على حد سواء مهما بلغ الأمر وحالت الظروف.الكل يهون في سبيل الحزب والوطن .آثر زيارة المؤتمر عوض زيارة الطبيب ليعطي صورة للتضحية في أعلى مستوياتها .تعالت الزغاريد من كل حدب وصوب داخل قاعة المؤتمر مرفوقة بتهاليل حتى خلنا انفسنا في حفل زفاف عريسه صاحبنا بطل هذا اللقاء.

مشهد كاريكاتوري بعيد كل البعد عن الطقوس السياسية المؤسساتية.لكن ليس هذا تنقيصا من نجاعته بل الحقيقة المجردة تحكي ان الأمين العام نفسه انتخب بنفس الطريقة بالزغاريد وبدون صناديق اقتراع .إذن ليس هناك شذوذ او انزياح عن المنهج الكرنفالي الذي يمجد الزعيم مادمنا نتقن الديمقراطية بسيناريو مغربي استثنائي وبعدما اصبحنا نطبع مع مؤسسات تنتخب بنفس الطريقة البدائية، ونتساءل معها لماذا تعاني احزابنا من الضعف وغياب الكفاءة والنجاعة، وغير حاضرة في الساحة بالقوة المطلوبة ؟ فإذا ظهر السبب بطل العجب.
لا أخفيكم أشفقت عليه. بعدما استمعت لكلمات تتخللها آهات وتكلف حال دون وضوح المعنى فخلت نفسي أمام رجل يهذي أي بالمعنى الدارج “كيدخل ويخرج فالهضرة ” لقد عاد للساحة بعد هدوء ظرفي ليحرك الراكد فيها كعادته . فلم اعد استسيغ أن يكون خطاب الزعيم بهذا المستوى المتدني من حيث اللغة فقدجلدها صاحبنا جلدا مبرحا لم نعد نميز معه بين المجرور والمنصوب . من حسن حظه لم يكن حاضرا معه لاسيبويه ولا ابو الاسود الدؤالي . كما استغربت لدفاعه المستميت عن حضور أغلبه نساء بصيغة الجمع المذكر .فعلا عشنا مع الزعيم مذبحة لغوية فضيعة وقلت مع نفسي كيف كان يرافع سيادة المحامي عن موكليه قبل ان يصبح امينا عاما للحزب؟فارجعت الأمر ربما للمرض الذي أصابه في الراس استحال معه التركيز. رفع صوته مخاطبا الجميع دون تمييز أنه الفاتح المغوار الذي لايشق له غبار جاء ليغير تاريخ هذه الأمة وكأننا نعيش عصر الظلمات ، سيغير كل شيء ولن يترك شيئا بعده للتغيير. قال كلاما كثيرا لارابط بينه ،كلاما ثقيلا يحتاج للتوضيح من قبيل (الطبيعة – المعركة – طويلة – كبيرة – عنيفة – اللؤم – السب والقذف وغيرها من المفردات…) التي أحدثت كثير من الاستفهامات وهنا أفتح قوسا في منهجية الإرتجال لايتحكم في لسان الخطاب أمام الناس سوى قلة قليلة ممن يتمتعون بمستوى ثقافي معتبر ويمتلكون كاريزما تفرض احترامها على المتلقي وتدرجوا في مسار تكوين مؤسساتي صعب. ليس بالسهل اختيار امين عام فالأحزاب التي تحترم نفسها ومنخرطيها المنبعثة من تربة الحياة الاجتماعية لاتخونهم العبارات ولاسرعة البديهة فهم يقدرون المسؤولية حق قدرها. تبقى أسماؤهم راسخة في وجدان الهيئات والشعب مهما طال الغياب.ليسوا مياومين في سوق بخسة لن تطول اعمارهم فيها وهم يمرون بسرعة فائقة، بعدما يطويهم النسيان.
صرح احد الظرفاء تعليقا وتعقيبا عما جاء في متن خطاب الزعيم ، لاعليك يا صاحبي ..!فحين يقتحم التراكتور المجال الحضري فتم مشكلة إن لم تكن هناك مخالفة ، لأن ماعهدناه في مدونة السير ان مجال تحركه البادية وهوامش الحضر يوم السوق . مادونها مغامرة غير محسوبة العواقب .