آخر الأخبار

التأشيرة المذلة التي لا أريد 

إدريس الاندلسي

كلما تقدمت في السن كلما ازدادت قوة ارادتي أن لا أتقدم بطلب للحصول على تأشيرة لدول تفرض على بلدي شروطا لا يقابلها بشروط مثلها. عجيب أمر كثير من دول أوروبا.  يريدون منا أن نتبادل معهم سلع  و خدمات  و ثقافة  و تحرر  و قبول لقيم يعتبرونها إنسانية  و في نفس الوقت يريدون بناء حائط كبير مثل حائط برلين المنهار  و كثير من السياج بيننا و بينهم . أتعجب لحال كثير من المتقاعدين الفرنسيين على الخصوص من اقبالهم على العيش بالمغرب  و الاستمتاع بأسعار أسواقه و خدماته الطبية الخاصة  و نحن نتفرج عليهم  و هم يدخلون بلادنا بدون تأشيرة و لا يصرفون  إلا الفتات  مع كثير من الاستغلال للعاملين لديهم.  و بكل وقاحة يتخذون قرارات لا تحترم القانون الدولي في مجال ترحيل المواطنين  و يربطونها بالتأشيرة. غدا سيندمون لأن العالم يتغير  و أتمنى أن نبني اقتصادنا لكي نحصن مواطنينا من  تصرف غرب لا يعرف القيم إلا من برج  سوف يتهاوى. 

علمنا أساتذة القانون الدولي أن المعاملة بالمثل أبسط  و أول القواعد في التعامل بين الدول  و أنها أولى المبادئ التي تبنى عليها الاتفاقيات. فرنسا ترفض إعطاء تأشيرات لمسؤولين مغاربة  و الآلاف من الفرنسيين يشتغلون في مطاعمنا في مدننا السياحية  و في شركاتنا  و حتى في الرياضات العتيقة التي تستهوي السياح من كافة بقاع العالم.  الفرنسي يدخل المغرب كأنه ينتقل من باريس إلى بوردو.  و المغربي  و لو كان غنيا  و مسؤولا  و مجرد مشارك في مؤتمر يتم التعامل معه بعقلية استعمارية رافضة لملف تأشيرته.  لهذا أصبح الكثير من المغاربة يتوجهون إلى سفارات دول أخرى غير فرنسا. 

 و ما يمنعنا أن نعاملهم بالمثل.  يحز في النفس أن بلادي تقبل دخول عاطل فرنسي إلى التراب الوطني دون تأشيرة، في الوقت الذي يستباح فيه كل شكل من أشكال إهانة المواطن المغربي أثناء طلب تأشيرة.  درست بفرنسا في تلك السنوات التي لم تكن فيها التأشيرة شرط للدخول إلى بلاد موليير  و فولتير  و اليوطي. و لكن الأمر تغير  و يجب على حكومة المغرب أن تعامل الفرنسيين بالمثل.  المقصود هو أن لا  يدخل فرنسي للمغرب دون إذن مسبق  و أن يدفع مبلغا ماليا يساوي ما يدفعه المواطن المغربي لملف الحصول على تأشيرة  و ليس بالضرورة على نيلها.  قد يقول بعض أرباب السياحة أن الأمر  صعب  و لكن هذا الأمر يتم التعامل به من طرف دول الخليج.  و الأمر مهم لأن مئات ملايين الدراهم تدخل الخزينة الفرنسية دون مقابل. 

الأهم في الأمر أن لا نعرض المواطن الذي يريد السفر إلى الإهانة.  إما أن تكون العلاقة متوازنة أو لا تكون.  يريدون الأطباء  و المهندسين  و الخبراء المغاربة الذين تم تكوينهم بأموال دافعي الضرائب المغاربة  و لا يريدون ممثلي شركات مغربية يدافعون عن مصالحهم.  لن أسمح لمسؤولي بلادي أن يرخصوا لفرنسي أن يدخل للمغرب لقضاء أغراضه التجارية  و يحرم مدير شركة مغربية من تدبير علاقات تجارية مع زبناءه في فرنسا.  و للعلم  فالسائح الفرنسي هو الأقل انفاقا على مقامه بالمغرب  و لو قارننا ما يصرفه السياح المغاربة في فرنسا لوجدنا أنه لا فائدة تذكر من قدوم سياح فرنسا إلى فنادقنا. 

لقد أصبح من اللازم مواجهة القرار الفرنسي بقرار مغربي.  يجب فرض التأشيرة على من يفرض علينا التأشيرة.  و لن يضر هذا الطلب على الخدمات السياحية ببلادنا.  فالسعر الذي يؤديه السائح الفرنسي في فندق شامل لكل الخدمات أقل بكثير مما يدفعه السائح المغربي.  و كفى من  احتقار المستهلك المغربي للخدمات السياحية ببلادنا..