حين تكشف وثائق التعمير كذب فاطمة الزهراء المنصوري : ادعاءات زائفة لتضليل ساكنة الحي العسكري بجليز
في واقعة أثارت استغراب الرأي العام المحلي، واجهت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، احتجاجات سكان الحي العسكري بجليز الذين عبروا عن رفضهم للمشاريع الغامضة لتصميم التهيئة التي تهدد استقرارهم السكني
وأثناء محاولتها تهدئة المتجمهرين الذين حاصروا العمدة، صرحت الوزيرة بأن منطقتهم مصنفة ضمن منطقة ZPU (Zone de Projet Urbain)، أي منطقة تخضع لـ حكامة محلية تراعي خصوصيات الساكنة .
غير أن الحقيقة الموثقة في تصميم التهيئة الرسمي لمدينة مراكش تكذب هذا الادعاء بشكل واضح، حيث تثبت الوثائق أن المنطقة المعنية لا تقع ضمن أي ZPU عامة، بل ضمن المنطقة ZPU 6 المسماة “CAMP TACHFINE”، وهي منطقة مشروع حضري خاص محددة بدقة في وثائق التهيئة، وتخضع لشروط صارمة وأهداف استراتيجية كبرى .
منطقة استراتيجية بمساحة تفوق 260 هكتارًا
تشير الوثيقة الرسمية إلى أن منطقة CAMP TACHFINE – ZPU 6 كانت سابقًا موقعًا عسكريًا يضم ثكنات ومرافق للجيش، وأنها خضعت سنة 2006 لـرخصة استثناء عمراني (dérogation urbanistique) بهدف تحويلها إلى قطب حضري جديد في إطار رؤية عمرانية شاملة.
وتوضح الوثيقة أن الموقع يتمتع بموقع استراتيجي في قلب حي جليز، ما يستدعي من الجهة المهيئة أن تعيد النظر في مشروعها من خلال:
1. إدخال خيارات وتوجهات كبرى في تصورات التهيئة؛
2. اعتبار المشروع فرصة لإعادة تأكيد مركزية جليز الكبرى عبر دمج مكونات ذات جودة عالية (فنادق راقية، خدمات متميزة، حدائق حضرية كبرى…).
هذا يعني أن الحديث عن احترام خصوصيات الساكنة كما صرحت الوزيرة يتنافى تمامًا مع الطبيعة المقررة للموقع، الذي يعتبر ضمن المشاريع الهيكلية الكبرى لمراكش وليس ضمن مناطق التهيئة العادية.
تصميم التهيئة تجاهل كليًا ساكنة الحي العسكري
الأخطر من ذلك أن تصميم التهيئة الحالي لم يأخذ بتاتًا بعين الاعتبار وضعية الساكنة القاطنة بالحي العسكري، بل بُني على أساس المشروع الأصلي الذي حصل على الموافقة المبدئية من لجنة الاستثناء سنة 2006.
ووفقًا للوثائق الرسمية، طُلب من أصحاب الأرض فقط تحيين المشروع بما ينسجم مع موقعه الاستراتيجي وبما يعكس الخيارات التعميرية الحديثة، دون أن تتضمن أي فقرة أو إشارة إلى حقوق أو خصوصيات السكان القاطنين داخل الحي العسكري.
إنه مشروع يُخَطَّط له من الأعلى، بمنطق تقني بارد، لا يعبّر عن حسٍّ اجتماعي أو رؤية إنسانية للمدينة.
فأين هي إذن تلك “الحكامة المحلية” التي تحدثتِ عنها الوزيرة ؟
ولماذا هذا الإصرار على لغة الخشب في كل مرة يتطلب فيها الموقف الصدق والشفافية ؟
يبدو أنك فشلْتِ في هذا الملف أيضًا، وإن كان الفشل في السياسة أمرًا قابلًا للإصلاح، فالفشل في التواصل مع المواطنين لا يُغتفر…
ولكِ أن تعتبري هذه القضية فشلكِ الخاص، “ولي الفشل، يحط السوارت.”
خاتمة: سياسة التجميل اللفظي لا تبني مدينة
ما جرى في ملف الحي العسكري بجليز ليس حادثًا معزولًا، بل حلقة جديدة في منهج سياسي يعتمد التجميل اللفظي بدل التخطيط الواقعي.
منذ تولي فاطمة الزهراء المنصوري رئاسة المجلس الجماعي ووزارة التعمير، تراكمت القرارات المتسرعة، غابت الشفافية، وتعمقت الفجوة بين الخطاب والممارسة.
تُطلق مشاريع بملايين الدراهم بلا دراسات اجتماعية، وتُهدر أموال عمومية في تصورات حضرية لا تراعي الإنسان ولا المكان، في حين تُقدَّم للمواطنين شعارات فضفاضة عن “الحكامة” و”المدينة الذكية”.
لقد تحوّل التعمير في عهد الوزيرة من فن لبناء المدن إلى أداة لتلميع الصورة السياسية.
النتيجة واضحة:
• مشاريع متوقفة.
• أحياء مهمّشة.
• قرارات متناقضة بين رئاسة المجلس والوزارة نفسها. فمن كان يُفترض أن تكون مهندسة المدينة، أصبحت رمزًا لتفككها العمراني وفوضى قراراتها.
ومراكش، التي كانت نموذجًا في التوازن بين الأصالة والحداثة، تدفع اليوم ثمن الارتجال والتسيير الفردي. والسؤال الذي يطرحه المراكشيون اليوم :
كم من مشروع آخر سيحتاج إلى كشف جديد قبل أن تتوقف الوزيرة، عن بيع الوهم بلغة الخشب؟