آخر الأخبار

هل باع الكوكب ذاكرته مقابل دعم عمومي؟

كمراكشي يتابع بقلق ما يحدث داخل نادي الكوكب المراكشي، لا أجد وصفًا أدق لما يجري اليوم سوى “تصفية ناعمة لذاكرة الفريق”، تحت غطاء دعم عمومي وعناوين براقة من قبيل الأكاديمية، والتأهيل، والانطلاقة الجديدة.

نعم، جميل أن نرى الفريق يتحرك لجلب مستشهرين، ويتعاقد مع مدرب جديد، ويعطي الانطباع بعودة الروح. لكن خلف هذه “البهرجة الإعلامية”، يُمرر بهدوء إخلاء مركز التكوين القنسولي، أحد أبرز رموز النادي، دون أن تُوضع لبنة واحدة في مشروع الأكاديمية الموعودة، التي لا تزال حبرًا على ورق.

الأخطر أن الاتفاقية الموقعة مع الجهات المنتخبة تشترط إخلاء المركز فور التوقيع، وهو ما يعني أن قرار التخلي عن المرفق التاريخي تم اتخاذه قبل حتى التفكير الجدي في البديل. بل إن الأرض التي قيل إنها ستُشيد عليها الأكاديمية لا تزال محل غموض: تارة بطريق تحناوت، وتارة بالمحاميد، وسط “غابة رياضية” لا نعرف هل هي فعلا مخصصة للفريق، أم تابعة لمشروع الحاضرة المتجددة، كما تؤكد بعض المعطيات.

في المقابل، لا أحد تجرأ على ترحيل محطة النقل الطرقية المجاورة لمركز التكوين، رغم أنها عائق عمراني وسط الحي، والسبب معروف: رفض أصحاب شركات النقل. لكن حين تعلق الأمر بنادي الكوكب، مر القرار بسهولة، بصمت تام، وبدون حتى مناقشة جماهيرية أو إشراك حقيقي للفاعلين الرياضيين.

والسؤال المؤلم: هل الدعم المالي الذي حصل عليه الفريق هو ثمن غير معلن للتخلي عن ذاكرته العقارية؟
هل نحن أمام دعم رياضي فعلي أم مجرد صفقة مُغلّفة؟ وهل تستحق المساعدات العمومية المقدّمة أن نخسر مقابلها مركز القنسولي وملعب العربي بنمبارك؟ الأخير بالمناسبة تم تغيير تنطيقه من “مرفق رياضي” إلى “منطقة حضرية”، في خطوة إدارية تُمهّد غالبًا للتفويت العقاري.

ثم لا بد من التذكير: هذا الدعم ليس مالًا خاصًا من جيوب المسؤولين. إنه مال عام، من ضرائب المواطنين، ما يُحتّم الشفافية وربط التمويل بالمصلحة العامة، لا بتحويل الفريق إلى بوابة لتصفية العقار الرياضي داخل المدينة.

نحن لا نعارض إنشاء أكاديمية. بل نتمناها ونطالب بها. لكننا نرفض أن تتحول إلى ذريعة لمسح ذاكرة الكوكب، ونرفض أن يتم التخلي عن مركز التكوين التاريخي قبل أن يُوضع حجر الأساس للأكاديمية، وقبل أن تتضح مآلاتها القانونية والمالية والهندسية.

الفرق لا تُبعث من جديد فقط بالمدربين والدعم. بل تُبعث حين تحترم ذاكرتها وتُصان رموزها، لا حين تُسحب منها المرافق قطعة قطعة، مقابل صفقات في الظل.

فليخرج من يملك الجرأة ويوضح لنا الحقيقة:
هل باع الكوكب ذاكرته مقابل دعم عمومي؟
أم نحن فقط نبالغ في الخوف على نادٍ أضعفه الصمت أكثر مما أضعفته الهزائم؟