نهاية مسار وزير.
نزل من درج الوجاهة بكل صولجانها وصار مواطنا عاديا مجردا من السلطة لكنه ليس كباقي المواطنين فهو ينعم بامتيازات وحقوق لم تؤت لغيره من عامة الناس ، انهى مساره بلقب وزير سابق ليضيفه لسيرته الذاتية بعدما تقلب في عدة مسؤوليات. وراتب سمين يؤمن ماتبقى من عمره. لوكنت مكانه مااخترت هذا المسار فقناعتي تنحو للاصطفاف نحو عامة الناس مدافعا راس مالي فيها حب الجميع بدون مقابل وممارسة قناعاتي لا ان اعزل نفسي في قاعة زجاجية تنعدم فيها اواصر وعلاقات اجتماعية ونهاية صادمة ،لقد تخلى عنه الخلان والاصدقاء الذين كانوا الى عهد قريب كلما صادفوه الا وهرولوا نحوه لاخذ صورة تذكارية معه تقربا وتزلفا. لم يعد مهما كما كان في السابق ،لن ينتظره الناس افواجا امام بيته العامر، الذي انتقل اليه في الحي الراقي بعدما لاحظ ان الحي الشعبي لايتوافق شارعه الرئيسي مع اسطول المصلحة و السيارات الفارهة لزواره المفضلين. لن يرن هاتفه بالكثرة المعتادة من كل حدب وصوب. لن يدخل من الباب الرئيسي للوزارة والكل يحييه انحناءة طاعة للمسؤول الاول للوزارة بابتسامة مسروقة خوفا ورهبا وهو ينظر اليهم شزرا في تعال مقيت زاجر. ولن يجد باقة ورد فوق مكتب العرعار الغالي الثمن وكرسيه المريح الاسود والسجاد الاحمر الذي يساعدك على المشي بالهوينى وفضاء يفوح عطرا راقيا لن يجد كل هذا وقد كان يتردد على محلات راقية ليقتني ملابسه تحمل اسماء مشهورة لقد ترك كل هذا بعدما اشبعنا اتباعه بكلمات رنانة وقد ركبوا معجما مفرداته كلما سمعتها يصيبني الغثيان فكم قتلت فينا من رغبة وامل ؟ وكم صادرت فينا من الحنين كلمات ليست كالكلمات انها تخدر لحد الهذيان ،كلمات من قبيل :
نداء الوطن… والواجب الوطني…
والرجال للمسؤولية… ونحن لها…
والمساهمة الايجابية في خدمة الوطن…
والتجند الدائم للاصلاح والصالح العام …
وهلم جرا من الشعارات المدغدغة للمشاعر والتي لم تخلف وراءها سوى الكوارث للناس والمكاسب الضيقة الذاتية.
لو قلت فيه كلاما وقت المسؤولية لنعثوني بالانتهازي المتملق الذي يتوسل ريعا. لكنني نايت بنفسي عن هذا وحالت بيننا امور كثيرة وتفرقت بنا السبل. هو في المسؤولية الوزارية ونحن في ساحة النضال بقينا هناك ويكفينا شرفا ان نبقى كذلك.
في مقال سابق تحت عنوان “رسالة الى معالي الوزير العبثي ” انتفضت احدى قريبات الوزير موجهة سهام نقذهاوملاحظاتها نحو المقال وهي تحاول مصادرة حق ابداء الراي في منهجية عمله كوزير قد نتفق معه او نختلف كما حاولت اضفاء نوع من القداسة عليه و لاحق لابناء الشعب التطاول على اسيادهم وعلى من هم في الاعلى او المس بهيبتهم وهي تمتح كلماتها من قاموس الرعاع الاتباع . حاولت تصحيح مسار النقاش فتبين لي ان المتطوعة التي قادها فضولها للنقاش متمسكة برابط القرابة العائلية وكذا الحزبية اكثر من اي رابط اخر فانهينا النقاش دون ان نخلص الى نتيجة.
لكن ماهي الكلمات التي استفزتها لتاخذ المبادرة وتقتحم النقاش وهي محملة بتعابير توحي بان هناك تنقيص. ولم يجل بخلدها ان دوام الحال من المحال. وان وصية احد القياديين لمن معه ” لاتداوموا على شرب الماء المعدني في بيوتكم وقت المسؤولية فقد تنتهي بغثة وقد يصعب الفطام ”
فهناك من ينسى ماضيه لكن يصطدم بحقيقة مرة ان الرجوع اليه بكل خصوصياته صعب. لان المسافة بين النهاية والبداية مكلفة وشاقة وطويلة. وبالتالي استحالة معايشتها مرة اخرى “اخشوشنوا يرحمكم الله فيوم لك ويوم عليك والدوام لله ”
ذ ادريس المغلشي.
نهاية مسار وزير
