آخر الأخبار

من التهميش إلى التزويق: جماعة مراكش تُعد العدة للركوب على الوعي

فجأة، ودون سابق إنذار، استيقظت جماعة مراكش من سباتها العميق، وبدأت تعيد رسم ملامح المدينة، وكأنها اكتشفت للتو أن الأرصفة متهالكة، والإنارة معدومة، والطرقات تحوّلت إلى أفخاخ يومية للمواطنين. لا شيء يُبرر هذا النشاط المحموم إلا اقتراب موعد الانتخابات، وكأن “التنمية” لا تتحرك إلا بدفعة من صناديق الاقتراع.

مشاريع التهيئة والتزويق التي نراها اليوم، بعضها كان مبرمجًا منذ سنوات ولم يُنفذ إلا بعد أن أصبح “مفيدًا انتخابيًا”، وأخرى لا توجد إلا في خيال من يدبّرون الشأن المحلي، يبيعونها في خرجاتهم الإعلامية وعلى صفحات التواصل الاجتماعي كما تُباع الأوهام. أما النوع الثالث، فهو إشاعات يروّج لها جيش من المطبلين، يتحدثون عن “نهضة غير مسبوقة”، ويمنّون المراكشيين بـ”مراكش جديدة” وكأن الناس لا يرون ما حولهم من أعطاب.

لقد تحولت المدينة إلى ورش مفتوح… ولكن بلا رؤية، ولا تخطيط، ولا إنصاف للأحياء المهمشة التي عانت في صمت. تم طلاء بعض الأرصفة، ترقيع بعض الحفر، وزرع بعض الأشجار، وكأن كرامة المراكشي تُختزل في مساحيق تجميل قبل الانتخابات.

هل هذه هي التنمية؟ هل الإهانة التي عاشها سكان المسيرة، والمحاميد، وسيدي يوسف بن علي، وأحياء المدينة القديمة المنسية، يمكن معالجتها فجأة في أشهر معدودة؟ أين كانت الجماعة طوال السنوات الماضية حين كانت الشكاوى تتقاطر من كل زاوية؟ لماذا لم تكن هناك مشاريع حين كان المواطن في أمسّ الحاجة إليها، لا حين أصبح صوته ثمينًا؟

إن المراكشي ليس غبيًا، وذاكرته ليست قصيرة كما يعتقد البعض. يعرف جيدًا أن هذه الحمى ما هي إلا حملة انتخابية مبكرة، تُموّل من ماله الخاص، وتُدار بوجهين: واحد للكاميرات، وآخر للواقع.

فليعلم من يخطط لهذه المسرحية أن الوعي تغيّر، وأن المراكشي اليوم لم يعد يُخدع بالشعارات ولا بالصور الملتقطة أمام حفنة إسفلت. إن من أهان المدينة سنوات لا يمكنه أن يكرمها فجأة في أشهر.

أيها المراكشيون، لا تنخدعوا بزينة اللحظة، واسألوا دائمًا: أين كنتم عندما كنا نعيش في الظل؟
صوتكم هو سلاحكم، فلا تمنحوه لمن تاجر بآمالكم.
ارفعوا رؤوسكم… تذكروا من نسيكم، وتذكروا من استهان بذكائكم، فمراكش لا يبنيها من يركض خلف الكرسي، بل من يضع أهلها أولًا.