عبد الرحمن مودا
ملاحظات وتنبؤات حول حالة المناضل المُعتدى عليه سيون أسيدون :
خلاصة هذا التحليل، أو الاحتمال الكبير، هو أن : المناضل سيون أسيدون لم يسقط مِن سُلَّم، وإنّما تعرض لاعتداء عنيف في منزله، وكان هدف هذا الاعتداء هو اغتيال سيون أسيدون.
صديقي العزيز، أبعث لك هذه التخمينات، حول حالة المناضل سيون أسيدون، لتبادل النقاش حولها فيما بيننا. وهي ليست أخبار ولا حقائق مُثْبَتَة، وهي غير مطروحة للنشر حاليا، وإنما هي مجرد تفكير ظرفي، أو تَخْمِين، أو حدس، أو تساؤلات، لمحاولة فهم ما جرى، أو لمحاولة إدراك ما يُمكن أن يجري في المستقبل القريب هل سيعيش سيون أسيدون، أم أنه سيموت). ويمكن تقاسم هذا التحليل لتوسيع التشاور
(1) مثلي مثلك، لا أعرف حقيقة ما حدث للمناضل سيون أسيدون وبالتالي، الأحسن هو التريث قبل إصدار أي موقف. لكن التريث لا يُبرّر الجمود، ولا الانتظارية، ولا التهاون. كما لا يمنعنا التريث من التفكير، أو النقد، أو التساؤل، أو محاولة فهم ما جرى. وإلى حدود هذه الساعة 23:00 من يوم الخميس 24 غشت 2025) ، لا نعرف بالتأكيد هل المناضل سيون أسيدون ما زال حيًّا، أم أنّه مات. ولا نعرف هل سيتم إنقاذه أم لا. ولا نعرف هل خرج سيون أسيدون من الغيبوبة، وهل تكلم، وإذا ما تكلّم، ماذا قال عن الاعتداء الذي تعرّض له. ومن الممكن أن أخطئ في تحليلي هذا وفي تنبؤاتي. لكن احتمال الخطأ لا يمنعنا من التفكير والكلام.
(2) في قضية الاعتداء على المناضل سيون أسيدون، وما دمنا لا نعرف الحقيقة، وفي انتظار تصريح صادر عن الضحية المعنية، إن بَقِيَ حَيًّا، يُستحسن أن نفترض كل الاحتمالات الممكنة، بما فيها الاحتمالات الأكثر سوءا.
(3) الرواية التي راجت على الإنترنيت حول حالة سيون أسيدون تشوبها تناقضات، وادعاءات مغرضة، ولا يُمكن أن يُصدقها العقل.
(4) الرواية شبه الرسمية التي راجت حول حالة سيون أسيدون، تقول :
أ) بعد تسجيل ونشر فيديو بودكاست ضفاف فنجان على الإنترنيت الذي شرح فيه سيون أسيدون أنشطته الشخصية المناهضة لإسرائيل، وللصهيونية، وكان هذا الفيديو مؤلما لإسرائيل. وفجأةً انقطعت الأخبار عن تحركات سيون أسيدون خلال أكثر من يومين، وكان هاتفه لا يُجيب.
ب شَكٍّ أحد المقربين من أسيدون في أن يكون قد وقع مكروه خطير لسيّون أسيدون، فطلب من النيابة العامة السماح له بفتح باب منزل سيون أسيدون بواسطة قوة عمومية.
ت الأشخاص الذين لجأوا إلى النيابة العامة لفتح منزل سيون أسيدون بواسطة قوة عُمومية، كانوا يعرفون، أو على الأقل، كانوا يفترضون أن خطرًا جسيمًا حدث لسيون أسيدون.
ث بعد فتح باب منزل أسيدون، وجد أسيدون مُلْقًا على كرسي بذراعين (fauteuil) ، وهو في حالة غيبوبة، وتظهر علامات ضربات قوية على رأسه، وعلى صدره.
(ج) نقلت فرقة الإسعاف سيون أسيدون إلى مصحة في مدينة المحمدية، وأجريت له عملية جراحية في الدماغ لمعالجة آثار الضربات التي تلقاها على رأسه، ولمعالجة النزيف الدموي الذي حدث في الدماغ.
ج) بعد مرور قرابة 24 ساعة على فتح منزل سيون أسيدون وبعد اكتشافه في حالة غيبوبة، نقل أسيدون من مصحة في مدينة المحمدية، إلى مستشفى زايد في مدينة الدار البيضاء، لإجراء عملية على تَعَفُّن موجود في الرئة». وقال الأطباء أن حالته «مستقرة»، أي أنها لا تتحسن، ولا تتفاقم.
(5) رَوَّجَ البعض روايةً تزعم أنّ « سيون أسيدون استعار سُلَّمًا من عند جاره وبينما يُقَلِّم سيون أسيدون نباتات عالية، سقط به السلم، ثم دخل إلى منزله، وأغلق الباب، وجلس في كرسي بذراعين، ثم دخل في حالة غيبوبة. وقد تكون هذه الغيبوبة قد دامت أكثر من يومين، إلى حين أن فتح باب المنزل من طرف قوة عمومية ».
وهذه الرواية تحتوي على مزاعم مُتَحَيّزة، ولا يقبلها العقل. ولماذا ؟ أولا، لأنه لا يوجد أي شخص يزعم أنه رأى سيون أسيدون حينما سقط على الأرض. وَإِنْ وُجد شخص يقول أنه رأى سيون أسيدون أثناء سقوطه من السلم المزعوم، فما هو إسم هذا الشخص وما هي هويته، ولماذا لم يتدخل لإنقاذ الضحية سيون أسيدون من خطر محذق ولماذا لم يُعتقل هذا الشخص بتهمة عدم تقديم الإغاثة الضرورية لشخص معرّض لخطر الموت ؟ وثانيا، لأنه يستحيل على أي شخص ( مثل سيون أسيدون أن يسقط مِن أَعْلَى سلم، وأن يُصاب بضربة قوية في رأسه، وأن تَتَسَبَّب له هذه الضربة في نزيف دموي داخل دماغه، وأن ينهض من مكان سقوطه، ثم يعود إلى داخل منزله، ثم يجلس في كرسي بذراعين، ثم يدخل في حالة غيبوبة خلال عدة أيام. هذا مستحيل ! وما يحدث عادةً، هو أن كل شخص يُصاب بضربة قوية على رأسه، يسقط فورًا في المكان الذي ضُرِبَ فيه، دون أن يقدر على الكلام، أو التنقل، أو الحركة.
فَنَتَسَاءل : من رَوَّج هذه الرواية الخاطئة ؟ وَلأَي هَدف ؟ هذه الرواية المتحيزة تهدف إلى نَفْي فَرَضِيَة تعرّض سيون أسيدون إلى اعتداء عنيف هدفه هو اغتياله.
(6) مبدأ عام : ما دمنا لا نعرف تفاصيل حقيقة ما جرى، يُستحسن أن نفترض كل الاحتمالات، بما فيها الاحتمالات الأكثر سوءا.
(7) سيون أسيدون هو مناضل قديم منذ سنوات 1970، ومحسوب على اليسار، ومعتقل سياسي سابق، ومحكوم بـ 15 سنة سجنا نافذا، ومناهض لإسرائيل، وللصهيونية. ويشارك سيون أسيدون في تنظيم أنشطة مناهضة لإسرائيل، ومقاومة للصهيونية في جمعيات مثل BDS ، والجمعية المغربية للتضامن مع فلسطين وضد التطبيع. وهذه الأنشطة تُؤلم إسرائيل إيلامًا كبيرًا، وتضر بمصالح الصهاينة.
وبالتالي، فإن عامل تدخل إسرائيل في قضية الاعتداء على سيون أسيدون، هو عامل أساسي، ويستحيل نكرانه.
(8) – اعتبارًا لكون دولة المغرب هي الدولة العربية التي ذهبت بعيدًا، وأكثر من كل الدول العربية الأخرى في تنفيذ تطبيع كل العلاقات بين دولة المغرب وَكِيّان إسرائيل على المستويات السياسية، والدبلوماسية والاقتصادية، والبنكية والمالية والمخابراتية والأمنية والعسكرية، والجامعية، والإعلامية والثقافية والعلمية
واعتبارا لكون دولة المغرب تمنح للإسرائيليين حقوقًا وامتيازات تفوق بكثير حقوق المواطنين المغاربة العاديين؛
– واعتبارا لكون دولة المغرب ومؤسساته أصبحت مخترقة من طرف عُملاء إسرائيل، وعلى جميع المستويات، وفي كل الميادين
واعتبارًا لكون دولة المغرب منحت الجنسية المغربية لـ «إسرائيليين من أصل مغربي»، وذلك في خَرْق سَافِر لِمُجمل بُنُود قانون الجنسية المغربي
واعتبارا لكون عملاء إسرائيل ينشطون بحرية تامة داخل بلاد المغرب، ولا يخضعون لأية مراقبة، أو مساءلة، أو محاسبة؛
واعتبارًا لكون سيون أسيدون ينتقد إسرائيل، ويناهض الصهيونية، وَبِفَعَالية قوية، ومؤلمة جدا لإسرائيل؛
واعتبارًا لكون المناضل جاكوب كوهن (Jacob Cohen)، وهو مواطن فرنسي يهودي من أصل مغربي ومناهض للصهيونية، سبق له أن تعرض، هو أيضا، إلى عدة اعتداءات عنيفة من طرف عملاء مجندين لخدمة إسرائيل
واعتبارًا لكل ما سبق ذكره، فالاحتمال الكبير، هو أن سيون أسيدون تعرض داخل منزله، في مدينة المحمدية بالمغرب، بين أيام 9 و 12 غشت 2025 لاعتداء عنيف، يهدف إلى اغتياله، من طرف عملاء مجندين لخدمة إسرائيل. (9) الاحتمال الكبير هو أن المعتدين جاؤوا بهدف واضح هو اغتيال سيون أسيدون. فضربوه ضربات قاتلة على الرأس، وعلى الصدر. وانصرف المعتدون من منزل سيون أسيدون وهم على يقين أن سيون أسيدون قد مات. وأن مهمتهم قد أنجزت. بينما سيون أسيدون لم يمت في تلك اللحظة، وإنما سقط في حالة غيبوبة. وسيكون من قبيل المعجزة أن ينجو سيون أسيدون بحياته من هذا الاعتداء العنيف.
(10) الاحتمال الآخر (وهذا الاحتمال هو نوع من التنبؤ القابل للصواب، كما للخطأ هو أنّه : في حالة إذا ما نَجَى سيون أسيدون من محاولة الاغتيال الأولى داخل منزله في مدينة المحمدية، حيث لم يمت، وإنما سقط في حالة غيبوبة، فإن عُملاء إسرائيل سَيَلْجَأُون إلى تكرار محاولة اغتياله، ولو في المستشفى. ولماذا ؟ لأن النضال الذي يخوضه سيون أسيدون ضد الصهيونية، وضد إسرائيل، يضر كثيرًا بمصالح هذا الكيان.
ملاحظات أو تكهنات إضافية :
من هو المستفيد من جريمة محاولة اغتيال سيون أسيدون ؟
(11) الجهة الوحيدة في كل العالم التي لها مصلحة في اغتيال المناضل سيون أسيدون، هي إسرائيل.
(12) ليس من مصلحة دولة المغرب أن يُغتال المناضل سيون أسيدون. ولماذا ؟ لأن سيون أسيدون يَكْتَسِبُ، في داخل المغرب وفي أوروبا، وفي أمريكا، ملايين المتعاطفين، والأصدقاء، والأنصار. وسينهض مجمل أنصار قضية فلسطين، وفي كل أنحاء العالم، للتنديد بجريمة اغتيال المناضل سيون أسيدون.
(13) إذا تأكد اغتيال سيون أسيدون، ستصبح صورة دولة المغرب، لدى مختلف الفاعلين في العالم هي صورة دولة منهارة مثل دول ليبيا، أو سوريا، أو لبنان، أو السودان، أو الصومال، الخ).
(14) إذا تأكد اغتيال سيون أسيدون فسيعني ذلك أن المغرب
دخل في مرحلة تاريخية جديدة ميزتها هي سهولة إقدام عملاء إسرائيل على إنجاز كل ما يُريدون داخل المغرب، بما فيه اغتيال خصومهم داخل المغرب بلا مراقبة، ولا مُحاسبة. وَسَيُسَجِّل على المخابرات المغربية عجزها على التصدّي لعملاء المخابرات الإسرائيلية.
(15) في حالة تأكدت وفاة المناضل سيون أسيدون، فإنّ المسؤولين على هذا الاعتداء، وفي آخر التحليل، سيكونون هم أولا إسرائيل، وهم ثانيًا مُؤسّسات دولة المغرب التي فرضت تطبيع دولة المغرب مع إسرائيل، ضد إرادة شعب المغرب، ومنحت للإسرائيليين امتيازات تتنافى مع دستور المغرب، ومع القانون القائم في المغرب.
(16) عملاء إسرائيل، المتواجدون داخل المغرب يعملون كَمَافْيَات تَعْلُوا فَوق القانون.
(17) سَنَنْتَظِر، وسنرى في قضية الاعتداء على سيون أسيدون هل المخابرات المغربية تتعامل بحزم، وصرامة، مع عملاء المخابرات الإسرائيلية، الذين ينشطون داخل المغرب، أم أنها تهادنهم، أو تخضع لهم، أو تتركهم يفعلون ما يشاءون. وسنرى هل دولة المغرب قادرة على مناهضة عُملاء إسرائيل الذين يعملون سِرًّا داخل المغرب. وسنرى هل دولة المغرب أصبحت خاضعة لدولة إسرائيل.
18) مع تغلغل الصهاينة داخل المغرب من المحتمل أن تتكاثر في المستقبل اعتداءات عنيفة أخرى، وحتى اغتيالات، ضد بعض المواطنين المناهضين لإسرائيل، أو المناهضين للصهيونية، في داخل المغرب. كما أنه من المحتمل أن يلجأ عملاء إسرائيل، الناشطين داخل المغرب إلى محاولة تقديم خدمات للنظام السياسي القائم في المغرب، عبر القيام بتَرْهِيب، أو حتّى بِتَصْفِيَّة، المواطنين المغاربة الذين يُعارضون هذا النظام السياسي، أو الذين يُشكّلون خطرا على أمنه، أو على استمراريته.
( اسمح لي، نداء، سأعود، …