قبل أيام فقط، وبين جدران قبة البرلمان، اعتذرت السيدة الوزيرة وعمدة مراكش عن الوقوف للإجابة عن أسئلة النواب، معلّلة الأمر بوعكة صحية ألمّت برجليها ومنعتها، بكل أسف، من الوقوف. بل إنها، وبكل جدية، قالت لرئيس الجلسة: “حتى الصلاة نصليها جالسة، واش بغيتوني نوقف هنا؟”، وكأنها تُذكّر الجميع أن البرلمان ليس مقامًا يستحق عناء الوقوف.
تعاطفنا، تضامنّا، وقلنا: “الصحة أولى، ولعلها أيام وتعود الوزيرة إلى عافيتها”. لكن… يا لها من معجزة!
فها هي الوزيرة ذاتها، تقف شامخة، مبتسمة، وتُلقي خطابًا مُفعمًا بالحماسة في بهو أحد فنادق مراكش، خلال حفل استقبال فريق الكوكب المراكشي بمناسبة صعوده إلى القسم الاحترافي. وقوف مهيب لا أثر فيه لألم أو عياء، ولا حاجة فيه لكرسي أو عكاز… فقط “فرحة الصعود” كانت كفيلة بشفاء الأرجل، أو لعلها ـ كما يقول المراكشيون ـ رجعت ليها النفس!
فهل كان المرض انتقائيًا؟ يظهر في البرلمان ويختفي في الفنادق؟ أم أن داء الوزيرة لا يستفحل إلا عند مواجهة نواب الأمة والحديث عن الأوضاع؟ وهل أصبح صعود الكوكب وصفة طبية بديلة؟ إن ثبت الأمر، فحبّذا لو نُرسل الفرق الرياضية إلى البرلمان كل أسبوع، لعلها تُنعش ذاكرة المسؤولين وتُعيد النشاط إلى أرجلهم… وضمائرهم.
الدواء الجديد: حفل + كاميرا = شفاء تام!
قد يكون الأمر محض صدفة… وقد يكون البرلمان أقل جاذبية من كاميرات الحفلات، لكن المؤكد أن المواطن المراكشي لن ينسى هذه الوقفة “الشفائية”، التي أكدت لنا أن الطب تقدم، ولكن في مراكش تقدم بنسخة رياضية: لا أدوية، لا عمليات، فقط فريق يصعد، فتصعد معه المعنويات… والأرجل!
أما البرلمان؟ فليبقَ مكانًا للجلوس، والتبرير، وتقمص دور الضحية حين لا تكون الأجوبة جاهزة… أو حين تكون “الرِّجل ما فيهاش”.
فلنشكر الكوكب، ليس فقط على صعوده الرياضي، بل على إنجازه الطبي الفريد: لقد شفى الوزيرة من “داء الوقوف البرلماني”. وربما، إذا استمرت الفرق بالصعود، سنرى الوزراء يركضون لا يجيبون فقط! أما البرلمان، فسيظل قاعة انتظار كراسي، لا انتظار مسؤولي