طالبت هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، إلى جانب عائلتي المختطفين المهدي بنبركة والحسين المانوزي، بالكشف الكامل عن مصير جميع المختطفين والمختفين قسرًا دون استثناء، مؤكدة ضرورة ضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات. جاء ذلك خلال الوقفة المنظمة يوم 29 أكتوبر 2025 بمناسبة اليوم الوطني للمختطف، والمتزامنة مع ذكرى اختفاء بنبركة سنة 1965 والمانوزي سنة 1972.
وشدّد المشاركون على رفض كل محاولات تبييض أو إعادة الاعتبار للجلادين أو منحهم صفة الوطنية تحت أي مبرر، معتبرين أن الجريمة تبقى جريمة وأن مرتكبيها يجب أن يخضعوا للمحاسبة والعقاب.
وأكدت الهيئة أن المغرب، باعتباره طرفًا في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، ملزم بتجريم هذا الفعل صراحة في القانون الجنائي، وضمان عدم الإفلات من العقاب، مع توفير التعويض وجبر الضرر وإعادة التأهيل للضحايا وذويهم، وتمكينهم من الوصول إلى الحقيقة عبر آليات فعالة للبحث والكشف عن المصير.
وبالاستناد إلى توصيات الندوة الدولية التي نظمتها هيئة المتابعة في أبريل 2018 بمراكش لتقييم مسار العدالة الانتقالية، جددت الهيئة مطالبتها بإنشاء آلية وطنية لاستكمال كشف الحقيقة في ملفات الاختفاء القسري العالقة، بعدما استنفدت الهيئات الرسمية كل إمكاناتها في هذا المجال.
ودعت الهيئة إلى فتح نقاش حقوقي وطني تشارك فيه الهيئات الحقوقية والقطاعات الحكومية وعائلات الضحايا، بهدف بلورة صيغة عملية لإحداث هذه الآلية الوطنية. كما شددت على أن مطلب كشف الحقيقة يظل ثابتًا ضمن أولوياتها، مؤكدة ضرورة التنفيذ الكامل لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، خصوصًا في مجالات الحقيقة وحفظ الذاكرة والإصلاحات المؤسساتية وإصلاح منظومة العدالة.
وطالبت الهيئة أيضًا بوضع الاستراتيجية الوطنية لمناهضة الإفلات من العقاب موضع التنفيذ، واستكمال الالتزامات الدولية عبر المصادقة على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والبروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام.
وفي السياق ذاته، شددت على ضرورة إرفاق مصادقة المغرب على اتفاقية مناهضة الاختفاء القسري بإعلان الاعتراف باختصاص اللجنة الأممية في تلقي وبحث البلاغات الفردية المقدمة من الضحايا أو من ينوب عنهم وفق المادة 31 من الاتفاقية.
كما دعت الهيئة إلى حفظ ذاكرة الضحايا في الفضاء العام وتكريمهم بما يليق بتضحياتهم، واتخاذ إجراءات استعجالية لإحداث انفراج حقوقي شامل ينهي معاناة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الحراكات الاجتماعية، وفي مقدمتهم معتقلو حراك الريف وحراك زاكورة، إضافة إلى المدونين والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان ومناهضي التطبيع، بما يعزز حرية التعبير والاحتجاج السلمي وصون كرامة المواطن.
ودعت الوقفة مختلف القوى الحقوقية لدعم عقد مناظرة وطنية ثانية، تكون رافعة لإنشاء آلية وطنية لاستكمال كشف الحقيقة، باعتبارها خطوة محورية لترسيخ دولة الحق والقانون، وبناء مجتمع الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة.
