مشاكل النقل القروي بسيدي المختار بين الواقع والمأمول
يتم الحديث على أن الجماعات القروية بالمغرب تعاني التهميش على الدوام بالنسبة لحصتها من التنمية ومسلسلات الإصلاح التي تمر عبرها البلاد، الشيء الذي يدفع بهذه المناطق المنكوبة إلى إيجاد حلول بديلة لمشاكلها، قد لا تتوفر فيها الشروط الصحية والقانونية اللازمة، لكنها تبقى حلولا مقبولة في غياب سياسات إصلاحية جادة، فما لا يُدرك كُلُّه لا يترك كُلُّه.
قطاع النقل بين ضواحي ومركز جماعة سيدي المختار يعد مثالا صارخا على مثل هذه المهازل، فمن الناحية الرسمية يمثل “الخطَّاف” مظهرا من مظاهر الفساد أي النقل السري بدون رخصة، بدون تأمين، بدون مراعاة لسلامة الركاب، وأما من الناحية العرفية يعتبر “الخطَّاف” صمَّام أمان المواطن البسيط عند الشدائد، لكن هل المشكل كل المشكل فيما هو إداري/قانوني فقط أم أن مشاكل الساكنة أعمق؟
إن القارئ المتفحص لواقع قطاع النقل القروي يجد أن حياة المواطن القروي بدون “الخطَّاف” ستتقهقر مادامت الحلول القانونية البديلة غير متوفرة!!
فكيف سيقضي الإنسان القروي أغراضه؟ من سيُقله ليلا إذا كان له مريض بالبيت؟ على أي وسيلة نقل سيعتمد ليصل أرحامه بباقي أقطار المغرب المنسي؟
هذه المساحة الضخمة الفارغة بين قضاء حوائج الناس وترك الأمور على عواهنها، يشغلها “الخطَّاف” وهو شخص اتفق عموم المستفيدين من خدماته على توشيحه بلقب “العتَّاق”، أي أنه يخرجهم من ذُلِّ الحاجة إلى حرية قضاء الأغراض تحت الطلب وعلى مدار الساعة، وهو يجعلهم في الآن ذاته ينعمون بسكينة الانتساب للأرياف فضلا عن التَّمتع بوفرة الحاضرة، هذا بالإضافة لخدمات الإسعاف التي يقدمها لهم ليلا في غياب سيارات الإسعاف “المفترضة” أو بُعدها عن الضواحي إن وُجدت.
إن أصحاب النقل السِّري بسيدي المختار يعانون من مضايقات جمَّة من طرف الساهرين على تطبيق القانون (رجال الدرك)، هذا القانون الذي لا يعترف بهم، لأنهم كما ذكرنـا آنفـاً رازحون تحت وطأة القطاع غير المهيكل، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على فراغٍ سياسي وتشريعي كبيرين بشأن وضعيتهم، مما دفع الساكنة للتضامن معهم والترافع عنهم عبر منصة التواصل الإجتماعي فايسبوك/ميتا -صباح اليوم- في مشهد تتعارض فيه القوانين التشريعية المكتوبة مع نظيرتها العُرفية، فالساكنة تشغل دور المنتخبين مادام المنتخبون لا يحرِّكون ساكناً لتعزيز وضع “الخطَّاف” قانونيا أو الإتيان للساكنة ببديل مناسب.. ولماذا قد يتحمَّل المنتخبون عِبْء فعل أشياء كهذه؟ إنهم منعَّمون بما يرسمونه من أوهام قبل الاستحقاقات، هم فقط يحافظون على الكراسي ويوسعون مناطق النفوذ، فما حاجتهم للتنمية مادامت المشكلة لا تخصهم شخصيًّا …؟!