آخر الأخبار

مساندة ضحايا التعذيب

أفاد بيان الجمعية المغربية لحقوق الانسان، بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب 26 يونيو 2021، أن الجمعية تحيي إلى جانب الحركة الحقوقية والديمقراطية العالمية والإقليمية، يوم 26 يونيو من كل سنة، اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، الذي تم إقراره من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1997، والذي يصادف يوم دخول اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة، كإحدى أدوات القضاء على التعذيب، حيز التنفيذ سنة 1987. وقد اختارت الأمم المتحدة لإحياء هذا اليوم موضوع ” التعذيب جريمة ضد الإنسانية” عندما تكون ممارستها على نحو منتظم وبشكل واسع النطاق.

كما يتزامن هذا اليوم مع الذكرى السنوية الأربعين لتأسيس صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب هذا العام، الذي يؤكد على أهمية الجبر وإعادة التأهيل ويقوم بدور داعم لعدد من منظمات المجتمع المدني التي تقدم الخدمات الأساسية لضحايا التعذيب، خصوصا في سياق حالة الطوارئ.

والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي تخلد هذا اليوم الدولي تسجل ما يلي:

على المستوى الدولي:

رغم تصديق 162 بلدا عبر العالم على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وتحذيرات مختلف الآليات الأممية لمكافحة التعذيب على أهمية الحضر المطلق له، فإن هذه الجريمة وما تخلفه من آثار مدمرة على نفسية وأجساد الضحايا طوال حياتهم، لا زالت تمارس على نطاق واسع وفي أغلب بلدان العالم، في ظل انتشار ثقافة الإفلات من العقاب؛

ولا زال الأشخاص ضحايا التعذيب الذين يسعون إلى الحصول على الحق في تعويض عادل ومناسب عن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان واستعادة الكرامة، بما في ذلك إعادة التأهيل الطبي النفسي والاجتماعي ومعهم منظمات المجتمع المدني الداعمة والمدافعون/ات عن حقوق الإنسان والمبلغين والصحفيين يتعرضون للترهيب والأعمال الانتقامية في استغلال لظروف الجائحة وإساءة استخدام حالة الطوارئ الصحية.

على المستوى الوطني:

بالرغم من مصادقة الدولة على اتفاقية مناهضة التعذيب والبروتوكول الملحق بها، وبالرغم من توصيات الصادرة عن مختلف الآليات الأممية لمكافحة التعذيب، وقرارات لجنة مناهضة التعذيب في إطار الاجتهادات القضائية الموجهة للمغرب، فإن ممارسة التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لا تزال شائعة وتمارس على نطاق واسع في مختلف مراكز الاحتجاز، من طرف الأجهزة الأمنية على إثر عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفي، سواء أثناء الحراسة النظرية أو في السجون أو في مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية وأثناء قمع المظاهرات السلمية والاستخدام المفرط للقوة في تفريقها، تمس أساسا نشطاء الحركات الاجتماعية والاحتجاجية والنشطاء السياسيين والنقابيين والمدافعين/ات عن حقوق الإنسان والمشتبه في تورطهم في العمليات الإرهابية؛

ويترافق ذلك مع مواصلة الإنكار المنهجي لوجود هذه الممارسة المشينة وسيادة الإفلات من العقاب ورفض مقاضاة الجناة على التعذيب وسوء المعاملة، ورفض إجراء تحقيقات وفحوصات طبية حول ادعاءات التعذيب، علاوة على استخدام الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب أو الإكراه كأدلة أمام المحاكم. ولا زال العديد من ضحايا التعذيب أو سوء المعاملة سواء في إطار ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو ما بعد صدور توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة لم يستفيدوا من الحق في جبر الضرر وإعادة التأهيل بكل أبعاده؛

ولا زال المغرب يتلكأ في المصادقة على البرتوكولين الاختياريين الملحقين بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الأول بشأن تقديم شكاوى من قبل الأفراد والثاني بشأن إلغاء عقوبة الإعدام، ونظام روما للمحكمة الجنائية الدولية. كما أن جل النصوص القانونية المتعلقة بالتعذيب أو سوء المعاملة، وعلى الخصوص القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية وقانون تنظيم السجون لا تتلاءم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة؛

أما فيما يتعلق بالآلية الوطنية للوقاية من التعذيب المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، والتي تم إدراج مقتضياتها ضمن القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فعلاوة على عدم ملاءمتها بشكل كامل مع البروتوكول المذكور والمبادئ التوجيهية للجنة الفرعية لمنع التعذيب بشأن الآليات الوقائية الوطنية، فإنه رغم مرور ما يقارب سنتين على تعيين أعضاءها، لم تقم بنشر تقرير عن نتائج عملها والتوصيات الموجهة إلى القطاعات المعنية؛

وبهذه المناسبة، فإن المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إذ يدين كل جرائم التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ويعبر عن تضامنه مع كل الضحايا عبر العالم، فإنه يطالب بما يلي:

ــ احترام الدولة لتعهداتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والبروتوكول الاختياري الملحق بها، وتنفيذ توصيات مختلف الآليات المعنية بمكافحة التعذيب أو سوء المعاملة والإسراع بتقديم التقرير الدوري الخامس إلى لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 19، بعد التأخر الكبير الذي يقارب 6 سنوات؛

ــ الإسراع بالتصديق على البرتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بشأن تقديم شكاوى من قبل الأفراد والبرتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، والتصديق على نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية، تماشيا مع توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة؛

ــ المراجعة الشاملة لجل النصوص الجنائية، وعلى الخصوص مدونة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية والقانون المنظم للسجون، قصد ملاءمتها مع المعايير الدولية ذات الصلة وإلغاء القانون 03.03 المتعلق بمحاربة الإرهاب وإعطاء تعريف دقيق لماهية الإرهاب يتلاءم مع القانون الدولي لحقوق الإنسان والإلغاء النهائي لعقوبة الإعدام باعتبارها عقوبة تشكل انتهاكا للحق في الحياة ولمنع التعذيب والعقوبات أو المعاملات القاسية، وغير الإنسانية أو المهينة؛

ــ ملائمة تعريف التعذيب الوارد في القانون الجنائي مع التعريف الوارد في المادة 1 من الاتفاقية وتعريـف الموظـف العمومي مع تعريف موظف الخدمة المدنية أو غيره من الأشخاص الذين يعملون بـصفة رسمية، الوارد في الاتفاقية؛ والتنصيص صراحة على تجريم التواطؤ على ارتكاب أفعال التعذيب أو محاولة ارتكابها، وعلى عدم منح العفو لمرتكبي جريمة التعذيب وعدم سقوط هذه الأخيرة بالتقادم؛

ــ التنصيص على استثناء الحالات الخاصة بالتعذيب من العقوبات المنصوص عليها بمواد القانون الجنائي التي تجرم “البلاغ الكاذب” أو “الوشاية الكاذبة” بهدف التشجيع على فضح ممارسات التعذيب وحماية ضحاياه المتقدمين بالشكاوى، والشهود والمبلغين عن وقوع التعذيب، من أعمال الانتقام والتخويف، بما في ذلك التهديد بتوجيه اتهامات مضادة؛

ــ ضمان إجراء تحقيقات فورية ونزيهة وشـاملة في جميـع الشكاوى المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة، وإحالتها على قضاة التحقيق؛ وتقديم كل المشتبه في ارتكابهم هذه الأعمال إلى المحاكمة وإصدار العقوبات في حقهم بما يتناسب مع خطورة الأفعال المرتكبة، إذا ثبتت إدانتهم. وفي هذا الإطار، تجدد الجمعية مطلبها بالنظر في الشكاية الموجهة إلى رئاسة النيابة العامة بشأن ادعاءات مزاعم التعذيب التي تعرض لها نشطاء الريف اثناء تصريحاتهم أثناء المحاكمة التي نتج عنها إصدار أحكام قاسية وجائرة في حقهم؛

ــ ضمان إجراء فحوصات طبية سريعة في جميع ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة من طرف أطباء مستقلين ومتخصصين في الطب الشرعي، من اختيار المحتجَزين، مدربين على استخدام دليل التقصي والتوثيق الفعالين بشأن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (بروتوكول اسطنبول)، وسد الخصاص في عدد الأطباء المتخصصين في الطب الشرعي والأطباء النفسيين؛

ــ الحرص على ألا تتجاوز مدة الحراسة النظرية لدى الشرطة بـ 48 ساعة، قابلة للتجديد مرة واحدة في ظروف ــ استثنائية معللة قانونيا، مع إتاحة لكل شخص يلقى عليه القبض إمكانية توكيل محام منذ بداية الاحتجاز والقيام بتسجيل جلسات التحقيق بالفيديو؛

ــ ضمان عدم أخذ المحاكم بالأدلة التي يتم الحصول عليها بواسطة التعذيب أو غيره، أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والاستجابة لقرارات لجنة مناهضة التعذيب والفريق العامل المهني بالاعتقال والاحتجاز التعسفي بإطلاق سراح المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة وتعويضهم عن الأضرار؛

ــ وضع حد لكل أشكال الاحتجاز غير القانوني للأشخاص وإنجاز سجل مركزي للأشخاص المحرومين من الحرية يوضع رهن إشارة محامي المعتقلين وأسرهم للإطلاع عليه في جميع الأوقات بمجرد طلبهم ذلك ودونما تأخير ومعاقبة كل حالات تزوير أو إتلاف السجلات؛

ــ إخضاع جميع الأجهزة الأمنية لرقابة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية تماشيا مع توصية هيأة الإنصاف والمصالحة وقواعد دولة الحق والقانون وقواعد الاتفاقية؛

ــ اتخاذ التدابير الضرورية لحماية المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والمدوّنين/ات والصحفيين/ات من كل الاعتداءات التي تطالهم والإعلان علنا عن إدانتها، مع إجراء تحقيقات سريعة وشاملة وفعالة والحرص على إحالة المسؤولين عنها إلى العدالة ومعاقبتهم بما يتناسب وخطورة أفعالهم؛

ــ تحسين وضعية السجون من خلال تقليص الاكتظاظ وإغلاق كل المراكز التي لا تستجيب للمعايير الدولية وتحسين خدمات الرعاية الطبية ووضع حد للعزل الانفرادي ومراجعة القانون المنظم للسجون والمراسيم التطبيقية والسماح للمنظمات الحقوقية بزيـارة المؤسـسات السجنية؛ واتخاذ التدابير الضرورية لفتح تحقيقات نزيهة ومستقلة في حالات الوفاة أثناء الاحتجاز وإحالة المتورطين إلى العدالة؛

ــ مراجعة القانون 103-13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والتأكد من تجريم هذا القانون لجميع أشكال العنف ضد المرأة، بما في ذلك الاغتصاب الزوجي؛ وتجريم الفحوصات الطبية الجنسية على النساء التي لا تحضى بالموافقة الحرة من قبل النساء اللائي يخضعن لها واعتبار هذه الأفعال ترقى إلى جرائم التعذيب وسوء المعاملة؛

ــ ضمان الاحترام التام لمبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب، والامتناع عن طرد أي شخص أو إعادته أو تسليمه إلى دولة أخرى، في حالة توفر أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بوجود خطر تعرضه للتعذيب أو سوء المعاملة. مع إخضاع جل قرارات الطرد أو الإعادة أو التسليم للمراجعة القضائية؛

ــ ضمان إنصاف جميع ضحايا التعذيب وتمتعهم بالحق في الحصول على تعويض عادل وكاف، بما في ذلك إعادة تأهيلهم طبي ونفسيا واجتماعيا والتعاون مع المنظمات الحقوقية المدني في هذا المجال؛

ــ وفيما يتعلق الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، فإن الجمعية تؤكد على ضرورة نشر التقرير السنوي عن أعمالها ونتائج زياراتها لمراكز الاحتجاز وتدعو إلى تقوية صلاحياتها للارتقاء بها الى مؤسسة قادرة على القيام بوظائفها الحقيقية وتمكينها من الموارد المالية والبشرية الكافية لأداء مهامها، على أن تكون ميزانيتها واضحة ضمن بنود ميزانية الدولة والقيام بزيارات كل أماكن الاحتجاز بدون استثناء، وفقاً للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وللمبادئ التوجيهية بشأن الآليات الوقائية الوطنية التي وضعتها اللجنة الفرعية لمنع التعذيب ولمبادئ باريس، والتعاون مع الحركة الحقوقية المغربية من أجل وضع حد للتعذيب ببلادنا؛

ــ الإفراج عن تقرير اللجنة الفرعية لمنع التعذيب الموجه إلى الدولة المغربية وإلى الآلية الوقائية في 12 فبراير 2019، تبعا للزيارة التي قامت بها إلى المغرب ما بين 22 و28 أكتوبر 2017 ونشره على نطاق واسع.