يوسف اغويركات
في مشهد لا يمكن وصفه إلا بأنه استعراض فاشي سافل، اقتحم الوزير المتطرف بن غفير، محاطا بحرسه المدجج، زنزانة القائد الوطني الكبير مروان البرغوثي، وهو مقيد ومتعب، ليقوم بتهديده أمام عدسات الكاميرات، في محاولة بائسة لإذلاله وكسر إرادته.
هذا المشهد الموثق، الذي جرى داخل أسوار السجن، لا يفضح فقط شخصية هذا الوزير العنصري، بل يكشف طبيعة النظام الذي يمثله، نظام لا يقيم وزنا لأي قيمة إنسانية، ولا يتورع عن تدنيس ما تبقى من قواعد القانون الدولي، ويتلذذ بإهانة الأسرى في عز ضعفهم الإنساني، أمام أعين العالم.
ما قام به بن غفير لا ينتمي إلى السياسة ولا إلى الأمن، بل إلى عالم السادية والانحطاط الأخلاقي. سلوك فاق الفاشية، فاق النازية، ولامس حدود الجنون العنصري الذي لا يمكن لأي نظام يدعي الديمقراطية أن يتحمله دون أن يتحول إلى شريك مباشر في الجريمة.
لكن الاحتلال، بكل قوته وبطشه، ما زال عاجزا عن استيعاب الحقيقة البسيطة، وهي ان الأسرى الفلسطينيون لا يكسرون بالتهديد، ولا تنحني رؤوسهم أمام الجلاد. ومروان البرغوثي، الذي أمضى عقودا في الزنازين، يخرج من هذا المشهد أكثر حضورا من جلاده، وأكثر شرعية من كل حكومات الاحتلال المتعاقبة.
حكومة الاحتلال تتحمل كامل المسؤولية عن هذا الاعتداء السافر، وعن أي أذى يلحق بالأسير مروان البرغوثي. وعلى المؤسسات الحقوقية والجهات الدولية العمل على كسر حاجز الصمت، ومحاسبة هذا الوزير العنصري الذي استبدل موقعه في الحكومة بموقع الجلاد في الزنزانة.
ما جرى ليس فقط انتهاكا لحقوق أسير، بل محاولة لإهانة شعب بأكمله. ولكن من يعرف مروان البرغوثي، يعرف أن الكرامة التي يحملها في قلبه، أقوى من كل قيودهم، وأشد من كل تهديداتهم.