آخر الأخبار

مراكش.. من الريادة إلى التقهقر ….

مراكش.. من الريادة إلى التقهقر : فشل جماعي في تدبير مشروع الحافلات ذات الجودة العالية

رغم أن مدينة مراكش كانت أول مدينة مغربية تطلق مشروع الحافلات ذات الجودة العالية BHNS، في عهد الرئيس الراحل عمر الجازولي، إلا أن المشروع ظل حبيس الشعارات والافتتاحات الرمزية، ليُسجَّل اليوم كواحد من أبرز الإخفاقات التدبيرية في قطاع النقل الحضري، في ظل مسؤولية سياسية مباشرة لرئيسة الجماعة فاطمة الزهراء المنصوري ومجلسها الجماعي الذي لم ينجح في تحريك هذا الورش الحيوي طيلة ولايتين متتاليتين.

مشروع طموح.. لم يغادر مكانه

في سنة 2017، أُطلقت أول تجربة لخط BHNS يربط بين باب دكالة ومنطقة العزوزية/إيزيكي على طول 8 كيلومترات، مع وعود بالتوسيع والتطوير. لكن بعد مرور أكثر من 8 سنوات، لا زالت مراكش تملك :

• خطًا واحدًا فقط لا يربط بين محاور كبرى؛
• حافلة كهربائية وحيدة تعمل جزئيًا؛
• محطات مهجورة أو غير مشغَّلة بالكامل؛
• وغياب شبه تام لأي توسعة أو رؤية مستقبلية. وهذا في مدينة تستقبل ملايين السياح سنويًا وتعرف كثافة سكانية متزايدة، وحاجة ماسة لنقل عمومي فعال وآمن.

ولايتان من الجمود : إخفاق متكرر للرئيسة المنصوري

رئيسة الجماعة، فاطمة الزهراء المنصوري، لم تكتفِ بعدم توسيع المشروع، بل فشلت في الحفاظ على حدّه الأدنى، رغم توفر الإمكانيات والمؤسسات الداعمة. فقد تحوّل مشروع الـBHNS إلى مجرد ديكور بلدي يُذكر في المناسبات، دون إرادة سياسية حقيقية.

وحتى في المناطق المبرمجة أصلًا لمرور خطوط BHNS المستقبلية ( مثل شارع علال الفاسي وشارع مولاي عبد الله / طريق آسفي )، لم تعمل الجماعة على تخصيص مواقع خاصة بالحافلات أو احترام المعايير التقنية الضرورية، بل أطلقت أشغال التهيئة دون أي تنسيق مع مشروع التوسعة!

SDL مراكش موبيليتي: ارتباك في الرؤية وفوضى في الأولويات

أما الشركة المحلية للتنمية “مراكش موبيليتي”، المكلفة بالبنية التحتية والتخطيط، فهي الأخرى تتحمل جزءًا من المسؤولية، إذ بادرت إلى أشغال تهيئة بشارع محمد الخامس، وهو شارع لا علاقة له بمسارات BHNS الحالية أو المستقبلية، في حين تم تجاهل المحاور الرئيسية المبرمجة!

هذه العشوائية في القرار تعكس فشلًا في التنسيق بين الجماعة والشركة المفوضة، وتُكرّس العبث الذي يطبع تدبير ملف النقل الحضري بمراكش.

مدن أخرى تتقدم.. ومراكش تتأخر

الدار البيضاء نجحت في إطلاق منظومة متكاملة تجمع بين الترامواي وBHNS، بشبكة ممتدة وأولويات مدروسة. شركة كازا ترانسبور تؤطر المشروع بإدارة احترافية.

الرباط – سلا  تعززت بخطين فعالين للـBHNS، بتناسق مع شبكة الترام، ومجموعة من التقاطعات الذكية وممرات خاصة بالحافلات.

أكادير أطلقت في ظرف ولاية واحدة مشروع BHNS على طول 15,5 كلم، مجهز بمحطات ذكية، وممرات خاصة، وحافلات حديثة في خدمة الساكنة.

مراكش؟ ما زالت عالقة في نفس الخط الوحيد، نفس المشاكل، ونفس الصمت التدبيري. مدينة كانت أول من أطلق هذا المشروع، لكنها اليوم آخر من يُحرّكه.

خاتمة : حين تتحول اللامبالاة إلى سياسة

ما يحدث اليوم في مراكش ليس صدفة، بل نتيجة مباشرة لغياب الإرادة، وارتباك المؤسسات، وانعدام المحاسبة.

لقد ضيّعت المدينة فرصة تاريخية لتكون نموذجا وطنيا في النقل الحضري المستدام، بسبب:

• قيادة سياسية عاجزة؛
• مجلس جماعي غارق في التبريرات؛
• وشركات مفوضة تشتغل بلا بوصلة.

إنه إخفاق جماعي مستمر، يدفع ثمنه المواطن والسائح والاقتصاد المحلي. فهل من صحوة قبل فوات الأوان؟