آخر الأخبار

مراكش بين زحف النمو وتراجع البنية التحتية.. شبكة طرقية هزيلة ومحطة طرقية لا تواكب العصر

من المؤسف أن تُواصل مدينة في حجم مراكش، بثقلها التاريخي ووزنها السياحي والاقتصادي، العيش تحت وطأة شبكة طرقية هزيلة لم تواكب التحول الديمغرافي والعمراني الذي تشهده خلال السنوات الأخيرة. فكل من يجوب شوارع المدينة، خصوصاً في ساعات الذروة، يدرك حجم الاختناق اليومي الذي تحوّل إلى سمة ملازمة للمدينة، وليس استثناءً ظرفياً.

تفتقر مراكش، رغم توسعها العمراني، إلى بنية تحتية تليق بمكانتها. فالطرقات محدودة السعة، والتنظيم المروري يعاني من ضعف التنسيق، ناهيك عن الغياب التام للأنفاق أو الممرات تحت أرضية التي باتت ضرورة ملحّة لتسهيل حركية السير والجولان، لا سيما خلال فترات الذروة عند الزوال والمساء. والأدهى أن الأمر لا يقتصر فقط على المحاور الكبرى، بل يمتد ليشمل العديد من الأحياء الجديدة التي شُيدت دون رؤية مسبقة لتأهيلها طرقياً.

أما المحطة الطرقية، التي تُفترض أن تكون بوابة المدينة نحو باقي مناطق المغرب، فهي لا تواكب بأي شكل من الأشكال حركة النقل المتزايدة، خصوصاً مع تزايد الإقبال على الحافلات كوسيلة مفضلة للتنقل بين المدن. فالبناية الحالية تبدو متجاوزة، من حيث التصميم والخدمات والقدرة الاستيعابية، ما يجعل تجربة المسافر متعبة وغير مريحة. أليس حرياً بمراكش، وهي من أبرز الوجهات السياحية في القارة، أن تتوفر على محطة طرقية عصرية تليق بزوارها وساكنيها، وتشكل نقطة تلاقي بين الحداثة والتنظيم؟

تأهيل الشبكة الطرقية بالمدينة، وتجويد خدمات النقل، يجب أن يكونا أولوية استعجالية للسلطات المحلية والمنتخبين، بعيداً عن الشعارات والمخططات المؤجلة. فالتنمية لا تُقاس بعدد المشاريع العقارية والفنادق الفاخرة، بل بمدى قدرة المدينة على توفير حياة يومية مريحة لساكنيها وضيوفها، وفي مقدمتها الحق في تنقل آمن، سلس، ومنظم.

لقد آن الأوان لمراكش أن تُطوّر نموذجاً حضرياً يُراعي تحديات الحاضر واستحقاقات المستقبل، وينهي حالة الفوضى التي تعيشها الطرقات، لا سيما وأن المدينة تقف اليوم على عتبة تحولات كبرى، لا يمكن أن تُدار بمنطق البنية التحتية “الترقيعية”.