آخر الأخبار

مراكش بين التعيين الرسمي ونجاعة الأداء: هل المشكل في الكرسي أم في النتائج؟

كثيرون يتحدثون عن وضعية ولاية أمن مراكش وكأنها أزمة إدارية خطيرة، فقط لأن الوالي الحالي محمد مشيشو ما يزال يمارس مهامه بصفة “بالنيابة” منذ شهور. تُقدَّم المسألة أحيانا وكأن المدينة تعيش فراغًا أمنيا أو هشاشة في التدبير، بينما الواقع اليومي يُظهر أن المؤسسة الأمنية تشتغل بشكل طبيعي، وبنفس الحزم والانضباط.

فالمنظومة الأمنية في المغرب لا تختزل في شخص واحد أو مرسوم تعيين، بل تقوم على هياكل متماسكة وموارد بشرية مدربة ورؤية مركزية مضبوطة. المواطن لا يهمه إن كان الوالي “بالنيابة” أو “رسميا”، بقدر ما يهمه أن يجد الأمن حاضرا في الشارع، وأن تُواجه الجريمة بسرعة، وأن يشعر بالطمأنينة في حياته اليومية.

التركيز على الشكل القانوني ” أي صفة التعيين” وتضخيمه إلى مستوى الأزمة يغفل أن السؤال الحقيقي هو: هل هناك خلل أمني؟ هل تراجعت الاستجابة للتدخلات؟ هل تهاوت صورة المؤسسة الأمنية؟ إذا كان الجواب بالنفي، فالمشكل ليس في الكرسي ولا في الصفة، بل في النقاش الذي يُريد صناعة أزمة من فراغ.

ثم إن التريث في اتخاذ القرار لا يعني التردد أو الارتباك، بل قد يكون تعبيرا عن تقييم دقيق للأداء. فالمناصب الحساسة، خاصة الأمنية منها، لا تُمنح بمنطق الاستعجال أو المجاملة. والتاريخ القريب أظهر أن التعيينات المتسرعة في مواقع حساسة قد تكون مكلفة أكثر مما تنفع.

مراكش لا تحتاج إلى “ديكور رسمي” بقدر ما تحتاج إلى استمرارية الانضباط وتراكم الخبرة. وإذا كان الوالي الحالي يشتغل منذ شهور دون أن يظهر أي ارتخاء أمني، فهذا دليل عملي على أن المؤسسة أكبر من الألقاب.

إن اختزال الأمن في مرسوم تعيين هو تبسيط مخل، بينما الأهم أن يستمر العمل بنفس القوة واليقظة. فالمواطن يريد أمنا محسوسا في حياته اليومية، لا صورة بروتوكولية لمكتب محتل.