شباب مراكش يطالبون برحيل العمدة: هل وصلت ولاية المنصوري إلى مأزق سياسي؟
عرفت مدينة مراكش مؤخراً موجة احتجاجية قادها شباب حراك GenZ212، حيث رفعوا مطلباً واضحاً وصريحاً: رحيل العمدة فاطمة الزهراء المنصوري. هذه الدعوة، التي انطلقت من قلب المدينة الحمراء، لا يمكن اعتبارها مجرد حركة شبابية عابرة، بل تعكس حالة استياء عميقة من أداء العمدة على مستوى تدبير الشأن المحلي، وأيضاً من مسؤولياتها الحكومية كوزيرة في نفس الوقت.
ازدواجية المنصب: عمدة غائبة ووزيرة مشغولة
منذ انتخابها على رأس المجلس الجماعي لمراكش، كان يُنتظر من المنصوري أن تمنح الأولوية للمدينة التي تعاني خصاصاً كبيراً في البنيات التحتية، النقل العمومي، ومشاريع التهيئة الحضرية. غير أن الجمع بين منصبين حساسَين ـ عمدة لمدينة كبرى ووزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير ـ جعل حضورها باهتاً في تدبير الشأن المحلي. حتى المقربين منها يعترفون أن التزاماتها الوزارية جعلت مراكش في حالة عمدة غائبة.
تعثر المشاريع الكبرى: من BHNS إلى طريق فاس
لا يخفى على سكان مراكش أن المدينة تحولت إلى ورش مفتوح يفتقد إلى الرؤية والتنسيق. مشروع الحافلات ذات الجودة العالية (BHNS) الذي روّج له المجلس كمشروع استراتيجي، أصبح شبه متوقف في غياب أي تواصل من شركة “مراكش mobilité”، التي أنشئت خصيصاً لتدبير هذا الورش.
إلى جانب ذلك، مشاريع تهيئة محاور حيوية مثل طريق فاس أو طريق تاركة تعرف بطئاً مقلقاً وتعثرات متكررة، مما عمّق معاناة الساكنة والزوار على حد سواء.
أزمة ثقة مع الساكنة
الاحتجاجات الأخيرة التي رفع فيها شباب GenZ212 شعار “ارحلي يا عمدة” تعبّر بوضوح عن فقدان الثقة بين المجلس وسكان المدينة. فالشباب، الذين كانوا ينتظرون رؤية جديدة تُخرج المدينة من أزماتها، لم يجدوا سوى نفس السياسات المرتبكة التي تُبدد الموارد وتفشل في مواكبة التطلعات.
بين فشل محلي وتردد حكومي
إذا كانت تجربة المنصوري على رأس وزارة التعمير تتسم هي الأخرى بانتقادات حادة، خاصة فيما يتعلق بتسوية الملفات العقارية الكبرى، فإن الجمع بين هذا الفشل على المستوى المركزي وبين تعثرات مراكش على المستوى المحلي يجعل صورتها السياسية في أدنى مستوياتها منذ بداية مسارها.
الخلاصة: الحاجة إلى بديل
الرسالة التي وجهها شباب مراكش عبر احتجاجاتهم الأخيرة واضحة: المدينة في حاجة إلى قيادة محلية حاضرة، منفتحة على الحوار، وملتزمة بإنجاز المشاريع على أرض الواقع بدل الاكتفاء بالخطابات.
رحيل العمدة ليس مجرد شعار، بل هو تعبير عن حاجة جيل جديد إلى نموذج تدبيري مختلف يضع مصلحة الساكنة فوق الحسابات السياسية والشخصية.
ويبقى السؤال الجوهري مطروحاً اليوم : هل ستملك فاطمة الزهراء المنصوري شجاعة الاستقالة استجابة لمطالب الشعب، إذا تبقّى لديها القليل من الكرامة السياسية ؟