آخر الأخبار

مراسلة الامم المتحدة بشأن ياسين الشبلي

قدمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومنظمة منّا لحقوق الإنسان قضية ياسين شابلي، الذي توفي أثناء احتجازه لدى الشرطة في عام 2022، إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، مستشهدتين بأدلة على التعذيب وعيوب جسيمة في التحقيق الرسمي. وتدين المنظمتان عدم تصنيف السلطات للعنف على أنه تعذيب، وتحذران من أن التعامل مع القضية يقوض الثقة في النظام القضائي المغربي.

تقدمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (AMDH) ومجموعة “مينا رايتس” (MENA Rights Group) بشكاية إلى لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة (CAT) باسم أسرة ياسين شبلي، الذي توفي عن عمر 28 سنة ليلة 5 و6 أكتوبر 2022 بمركز الشرطة بمدينة بنجرير. المنظمتان نددتا بأعمال التعذيب التي سبقت وفاته وبالخروقات الجسيمة التي شابت التحقيق والإجراءات القضائية التي تلت ذلك.

جرى توقيف ياسين شبلي، وهو حارس أمن سابق، بينما كان جالسا في حديقة عمومية، يوم 5 أكتوبر 2022؛ حيث تم تكبيله واقتياده بالقوة إلى مقر الشرطة. وقد كان حينها في صحة جيدة، دون سوابق مرضية أو اضطرابات خاصة.

تعرض ياسين شبلي، منذ وصوله إلى مركز الشرطة، لصفعات متكررة من طرف أحد عناصر الشرطة قبل أن يزج به في زنزانة، رغم وضوح علامات الضيق النفسي والجسدي عليه. وخلال تلك الليلة، وبعد نقله لفترة وجيزة إلى المستشفى، تم تقييده إلى قضبان زنزانته في وضعية مؤلمة، وتعرض للضرب المبرح من طرف عناصر الأمن. وتظهر تسجيلات كاميرات المراقبة أنه ترك بعدها لساعات طويلة دون مراقبة، محروما من الرعاية الطبية رغم حالته الحرجة. وقد عثر عليه جثة هامدة حوالي الساعة الواحدة بعد الزوال من يوم 6 أكتوبر داخل زنزانته، وكانت جثته تحمل آثارا واضحة للتعذيب.

بناء على تعليمات الوكيل العام للملك، فتح تحقيق شمل إجراء تشريح طبي. غير أن مسار التحقيق شابته اختلالات خطيرة؛ إذ أوكل جزء منه إلى نفس مفوضية الشرطة التي وقعت فيها الوفاة، مما أفقده شروط الحياد والاستقلالية.

في فاتح دجنبر 2022، أصدر الوكيل العام للملك تصريحا نسب فيه وفاة ياسين شبلي إلى إصابات “ذاتية”، ناجمة عن سقوطات مرتبطة بـ”حالة هستيرية” مزعومة. هذه الرواية الرسمية أثرت على الرأي العام وعلى مجريات المحاكمة، إذ أعفت الدولة فعليا من المسؤولية وأوحت بأن الضحية هو المسؤول عن وفاته. وقد تمت متابعة أربعة عناصر شرطة بتهم “العنف من طرف موظف عمومي”، و”القتل غير العمد الناتج عن الإهمال وقلة الاحتياط”، بدل متابعتهم بجريمة التعذيب.

بين سنتي 2023 و2025، جرت محاكمة أربعة عناصر من الشرطة أمام الغرف الجنحية بكل من مراكش وبنجرير. غير أن محاكم الدرجة الأولى كانت قد صرحت في البداية بعدم اختصاصها، معتبرة أن الوقائع تندرج ضمن جريمة التعذيب ويتعين أن تنظر أمام الغرف الجنائية. وفي النهاية، تمت إدانة ثلاثة عناصر من الشرطة بعقوبات سجنية، لكن دون أن يتم الاعتراف بالأفعال كتعذيب.

منذ وفاة ياسين شبلي، ظلت أسرته تناضل من أجل الحقيقة والعدالة: تقديم شكاية من أجل القتل، تنظيم وقفات احتجاجية منتظمة، والمطالبة بالاطلاع على تسجيلات الفيديو الخاصة بفترة الحراسة النظرية. وفي المقابل، تعرض عدد من أقاربه لمتابعات وأحكام قضائية بتهم الإهانة، والإخلال بالنظام العام، أو المشاركة في تجمعات غير مرخصة.

وبالنسبة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بصفتها طرفا مدنيا في القضية:
“ما دامت الحقيقة مطموسة وما دامت الأسرة تتعرض لضغوط بسبب مطالبتها بالعدالة، فإن الثقة في قدرة القضاء على التصدي لأعمال التعذيب ستظل متزعزعة بشكل عميق.”

أما مجموعة “مينا رايتس” فقد شددت على أن:
“قضية شبلي تظل اختبارا حاسما لمدى التزام المغرب بتعهداته الدولية. إن الإصرار المستمر على عدم توصيف العنف الذي تعرض له ياسين شبلي كأعمال تعذيب يعكس إرادة في التقليل من خطورة الوقائع والتهرب من المسؤولية الجنائية الملائمة.”

لقد صادق المغرب على اتفاقية مناهضة التعذيب سنة 1993، وجرم التعذيب في مقتضيات القانون الجنائي (المادة 231-1)؛ ومع ذلك، لم يتم اعتماد هذه التكييف القانوني في قضية شبلي، رغم توفر العناصر المكونة للجريمة وفقا للقانون الداخلي والمعايير الدولية.

في 03 دجنبر 2025، تقدمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومجموعة “مينا رايتس” بشكاية إلى لجنة مناهضة التعذيب، مطالبتين بإعادة فتح المحاكمة وإعادة تكييف الوقائع باعتبارها أعمال تعذيب، وذلك انسجاما مع المادة 231-1 من القانون الجنائي المغربي ومع اتفاقية مناهضة التعذيب.

ومن خلال هذه الشكاية، تطالب المنظمتان بأن تتحقق العدالة الكاملة لياسين شبلي، وأن تعتمد ضمانات فعلية لحماية السلامة الجسدية للأشخاص الموضوعين رهن الاحتجاز بالمغرب، حتى لا تتكرر مثل هذه الانتهاكات مستقبلا.