آخر الأخبار

محمد فوزي الكركري: حين يتحول التصوف الخرافي إلى أداة لتلميع مشاريع الغرب

في باريس، عاصمة الأنوار التي لا تُضيء إلا على ما يخدم مصالحها، جرى حفل تكريم يثير السخرية أكثر مما يستدعي الاحترام. بطل العرض هذه المرة: الشيخ محمد فوزي الكركري، شيخ الطريقة الكركرية، الذي حُمل على الأكتاف في ندوة ملونة بالشعارات و”السلام الزائف”، ونال جائزة رمزية من جمعية مرتبطة بـ”نادي الروتاري” المعروف بولائه لأجندات غربية لا تخفى على أحد.

الندوة التي وُصفت بأنها “احتفال باليوم الدولي للسلام”، لم تكن سوى سوق دعائي لإسلام منزوع الدسم، يُقدَّم للغرب على طبق من ذهب: دين بلا مقاومة، بلا هوية، بلا روح. الكركري صعد المنصة وتلا آية من القرآن ليُسقِطها على النموذج العلماني الفرنسي، متغافلًا عن حقيقة أن الإسلام ليس مجرد كلمات لطيفة تُساق لإرضاء القاعات المكيّفة في باريس، بل رسالة كاملة قوامها العدل والكرامة ومواجهة الظلم.

المشهد برمته يكشف عن استراتيجية غربية قديمة متجددة: صناعة “إسلام بديل” لا يُرعب أحدًا، لا يقلق المستعمر، ولا يزعج أرباب الرأسمال. إسلام ناعم، صالح للعرض في صالونات النخبة، تمامًا كما يُعرض أي منتج فاخر: نسخة مُعقمة من الدين، خالية من كل عناصر المقاومة والتحرر.

الأدهى من ذلك أن بعض الأتباع المحليين لهذه الطرق الصوفية يصفقون بحرارة، وكأن الجوائز الرمزية القادمة من باريس تُعادل نصرًا حضاريًا. في الحقيقة، ما يُمنح ليس تكريمًا بل شهادة حسن سلوك: جائزة لمن التزم بخط “الإسلام القابل للإدارة”، الإسلام الذي لا يزعج ولا يرفض ولا يقاوم.

والسؤال هنا: من المستفيد من تحويل الإسلام إلى عرض فولكلوري للرقص الروحاني تحت أضواء باريس؟ الجواب واضح: الغرب الذي يريد دينًا منزوع الأنياب، ونخب محلية تبحث عن الاعتراف بأي ثمن، حتى لو كان ثمنه إفراغ الإسلام من روحه الحقيقية.

في النهاية، “إسلام الجوائز الرمزية” هذا ليس أكثر من كوميديا سياسية مملة. أما الإسلام الأصيل، بثقافته ومقاومته وقيمه، فهو أكبر من أن يُختزل في مسرحيات باريسية أو يُباع في أسواق الروتاري.